التنبيه السادس : في وجوب الاحتياط بالتكرار أو التنجيز بين الفعل والترك فيما إذا دار الأمر بين جزئية شيء أو شرطيته وبين مانعيته أو قاطعيته بمعنى حصول العلم الإجمالي باعتبار أحد الأمرين في الواجب أما فعل هذا الشيء أو تركه فهل يجب الاحتياط بتكرار العمل وايجاده مرة مع هذا الشيء وأخرى بدونه أو يختار بين فعله وتركه مرة واحدة وجهان.
وقد يقال على القول بوجوب الاحتياط في دوران الأمر بين الأقل والأكثر يجب الاحتياط في المقام أيضا وعلى القول بالبراءة فيه يحكم بالبراءة في المقام فإنّ العلم الإجمالي باعتبار وجود شيء أو عدمه لا أثر له لعدم تمكن المكلف من المخالفة العملية القطعية لدوران الأمر بين فعل شيء وتركه وهو لا يخلو من أحدهما مع قطع النظر عن العلم الإجمالي فلم يبق إلّا الشك في الاعتبار وهو مورد لأصالة البراءة وعليه فيكون مختارا بين الفعل والترك ومقتضى اطلاق هذا الكلام عدم الفرق بين كون طرفي المعلوم بالاجمال توصليين أو تعبديين.
أورد عليه بأنّ التحقيق وجوب الاحتياط والاتيان بالواجب مع هذا الشيء مرة وبدونه أخرى وإن قلنا بالبراءة في الدوران بين الأقل والأكثر وذلك لأنّ المامور به هو الطبيعي وله أفراد طولية فالمكلف متمكن من الموافقة القطعية بتكرار العمل ومن المخالفة القطعية بترك العمل رأسا فيكون العلم الإجمالي منجزا للتكليف لا محاله فيجب الاحتياط في المقام وإن قلنا بالبراءة في الدوران بين الأقل والأكثر والفرق بينهما واضح فإنّه ليس في الأقل والأكثر إلّا احتمال اعتبار شيء في المأمور به فيكون مجرى البراءة بخلاف المقام للعلم الإجمالي باعتبار شيء في المأمور به غاية الأمر لا ندري أنّ المعتبر هو وجوده أو عدمه في المأمور به فلا بدّ من الاحتياط ولا فرق بين التوصليين أو تعبّديين.
ودعوى : أنّ مع تسليم كون الطبيعة مورد تعلق التكليف لا الفرد أمكن التفصيل بين التوصليين وجريان البراءة في الطرفين والحكم بعدم اعتبارهما لعدم لزوم المخالفة العملية