فالمخصّص اللبّي أيضا يكون كذلك فكما أنّ العامّ بعد التخصيص بالمخصّص اللفظي يصير مقيّدا بعدم عنوان المخصّص ولا يكون حجّة في المشتبه فكذلك يكون الأمر في العامّ بعد تخصيصه بالمخصّص اللبّي وعليه ففي مورد الشبهة المصداقيّة يكون صدق العامّ المقيّد بعدم عنوان المخصّص مشكوك الانطباق على الفرد المردّد بين كونه من أفراد العامّ أو أفراد الخاصّ فلا يكون حجّة فلا وجه للتمسّك بالعامّ مع الشكّ في انطباقه ودعوى أنّ المخصّص اللفظيّ يمتاز عن اللبّي بكشفه عن وجود المنافي بين أفراد العامّ أيضا إذ لولاه ولو لا الابتلاء به كان قيام المولى مقام البيان لفظا لغوا بخلاف اللبّي فإنّه ليس له هذا الشأن (١).
مدفوعة بأنّ المكشوف بالدليل اللبّي أو الاجماع أيضا حكم شرعيّ يتصدّى الشارع لبيانه وإنّما التفاوت بين اللفظيّ واللبّي في المدرك لا غير وعليه فإن قلنا بدلالة المخصّص اللفظيّ على وجود المنافي لئلّا يلزمه اللغويّة اللبّي أيضا كاللفظيّ كما لا يخفى نعم لو كان المكشوف عدم الارادة بالنسبة إلى عنوان لا إرادة العدم لكان الفرق في محلّه ولكنّ الدليل اللبّي لا ينحصر في هذا المورد.
وإن لم يكن المخصّص اللفظيّ دالّا على وجود المنافي ولا نظر له إلى الانطباق الفعليّ لأنّ الشارع في مقام بيان الحكم لا في مقام الإخبار عن كيفيّة الخارج لأنّه خارج عن شأنه وقلنا بكفاية دلالة المخصّص على الحكم بالنسبة إلى موضوعه الواقعي في حمل العامّ على الخاصّ لأنّه مقتضى الجمع بينهما بحسب الارادة الجدّيّة ولا حاجة إلى دلالة المخصّص على وجود المنافي فالأمر أيضا يكون كذلك في المخصّص اللبّي فالتفرقة بينهما لا وجه له على كلّ تقدير ودعوى الفرق بين اللفظيّ واللبّي بأنّ اللفظيّ لو لم يدلّ على وجود المنافي لزم اللغويّة دون اللبّي مدفوعة بمنع هذا الامتياز إذ
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ١٩٠.