ولا يخفى عليك أنّ وجوب الجامع بما هو جامع لا يقبل الترديد ، ويكون خارجا عن محلّ الكلام ؛ إذ مقتضى كون الواجب هو الجامع هو العلم التفصيلي بأنّ الجامع هو الواجب ، وحيث إنّ الجامع يصدق على كلّ واحد من أفراد الجامع ، فيجوز له الإتيان بكلّ واحد منهما ؛ لمعلوميّة كونه من مصاديقه ، والترديد إنّما يحصل فيما إذا علمنا بوجوب نوع خاصّ من الصلاة وتردّد بين الجمعة والظهر بحيث ترددنا في أنّ الواجب لنا هل هو الجمعة أو الظهر فلا إشكال حينئذ في أنّ العلم الاجمالي بذلك يقتضي الاحتياط بإتيان كلّ واحد منهما كالشبهة الموضوعيّة.
وبعبارة أخرى : المعلوم هو الواقع الخارجي ، وهو مردّد بين النوعين من الصلاة دون الجامع بينهما ، وإلّا يلزم أن يكون المعلوم بالإجمال معلوما تفصيليّا ، فلا تغفل.
الأمر الثالث : أنّ العلم الإجمالي يكون مقتضيا للمنجّزيّة والمعذّريّة ، وليس بعلّة تامّة ؛ لشوبه بالشكّ ، إذ مع الشوب بالشك يحكم العقل او العقلاء بجواز أن يمنّ الشارع ويسهل الأمر على المكلّفين ، ويجعل الجهل التفصيلي بالخطاب سببا لجواز الترخيص في ترك الموافقة القطعية أو فعل المخالفة القطعية فيما إذا كان مصلحة التسهيل أرجح بنظر الشارع من بقاء التكليف على ما هو عليه. ولا يلزم من الرفع المذكور مناقضة ولا ترخيص في المعصية ؛ لأنّ المناقضة والترخيص في المعصية فيما إذا لم يكن المعلوم بالإجمال مرفوعا ، كما لا يلزم ظلم في حقّ المولى ؛ لأنّه متفرّع على بقاء التكليف. هذا بخلاف العلم التفصيلي ؛ فإنّ الترخيص فيه مع بقاء المعلوم بالتفصيل على حاله من دون عروض الطوارئ لا يمكن بالإمكان الوقوعي ؛ لأنّه خلاف الحكمة ، بخلاف الترخيص في العلم الإجمالي ؛ فإنّ الشوب بالشكّ ربّما يقتضي الترخيص تسهيلا ، والترخيص أمر يساعده الحكمة كما لا يخفى.
وعليه فالرفع في المعلوم بالإجمال كالرفع في الشبهات البدويّة ، فكما أنّ الرفع