مقتضى كونه منجّزا هو وجوب الامتثال والإطاعة ، والإطاعة في مثله ليست إلّا بالاحتياط والموافقة القطعية. نعم يمكن الفرق بين العلم الاجمالي والتفصيلي بأن يقال : إنّ مع شوب العلم بالإجمال والترديد في العلم الإجمالي يمكن للشارع ـ كما سيأتي ـ أن يتصرّف في حكمه بأن يرفع اليد عنه ويجعل للمكلّف فيه الترخيص ، هذا بخلاف العلم التفصيلي فإنّ معه لا موجب لرفع اليد ولا مجال للترخيص فيه. نعم لو تزاحم عنوان المقطوع بعنوان آخر يقدّم الأهمّ بحكم العقل للتزاحم كما مرّ تفصيل ذلك.
ثمّ لا فرق فيما ذكرنا بين الشبهة الحكميّة والشبهة الموضوعيّة ؛ فإنّ الاشتغال اليقيني يقتضي في كليهما الفراغ اليقيني ، فإذا علم بوجوب إكرام عالم مثلا وتردّد بين زيد وعمرو لزم الاحتياط بإكرام كلّ واحد منهما حتّى تحصل الموافقة القطعيّة بالعلم بالفراغ ، وهكذا إذا علمنا بوجوب نوع صلاة وشككنا في أنّها هل هي الجمعة أو الظهر لزم الاحتياط بإتيانهما ليحصل الموافقة القطعيّة بعد العلم بالاشتغال بنوع خاصّ من الصلاة ولكن ظاهر عبارة الشهيد الصدر قدسسره هو التفصيل بين الشبهة الموضوعيّة والحكميّة حيث قال : وأمّا الشبهة الحكميّة كما إذا علم بوجوب الجامع وهو الصلاة وتردّد بين الجمعة والظهر حصلت الموافقة القطعيّة في مثله بالإتيان بالجامع ، وهو يتحقّق بإتيان أحد الفردين أو الأفراد ؛ لأنّ الجامع يوجد بوجود فرده ، فتكون موافقة قطعيّة للمقدار المنجّز المعلوم. وبعبارة اخرى : أنّ المقدار المعلوم هو إضافة الوجوب إلى الجامع بين الظهر والجمعة لا الظهر بحدّها ولا الجمعة بحدّها ، فتكون إضافته إلى كلّ من الحدّين تحت تأمين القاعدة ، وأمّا إضافته إلى الجامع بينهما فتحصّل موافقته القطعيّة بإتيان أحدهما. (١)
__________________
(١) مباحث الحجج ١ / ١٦٢.