وإذا ورد بعدها فالإنشاء بداع البعث الجدّيّ بالاضافة إلى الجميع غاية الأمر أنّ البعث المزبور منبعث في بعض أفراد العامّ عن المصالح الواقعيّة الأوّليّة وفي بعضها الآخر عن المصالح الثانويّة بحيث ينتهي أمدّها بقيام المخصّص (١).
حاصله أنّ قاعدة الواحد لا تصدر إلّا عن الواحد تمنع عن تعدّد الدواعي بالنسبة إلى انشاء البعث الواحد ثمّ إنّ جعل الداعي هو جامع الحجّيّة أو الباعثيّة حتّى لا يتعدّد الداعي غير سديد لعدم الباعثيّة أو الحجّيّة بالنسبة إلى مورد التخصيص مع انكشاف أنّه لم ينشأ بداع البعث بالنسبة إلى مورد التخصيص كما أنّ دعوى أنّ الداعي قبل التخصيص هو جعل القاعدة ثمّ ينقلب عنه بعد التخصيص إلى البعث والتحريك مندفعة بأنّه لا واقع له مضافا إلى أنّه خلاف الظاهر وعليه فاللازم هو رفع اليد إمّا عن الظهور الاستعمالي وجعل الداعي هو البعث أو من الظهور من حيث الداعي وحمل الإنشاء على ضرب القانون وكلاهما خلاف الظاهر ولا ترجيح لأحدهما على الآخر ثمّ ذهب في أخير كلامه إلى جعل الانشاء بداعي الجدّ والمصالح الواقعيّة الموضوع ما عدى الخاصّ إن ورد المخصّص قبل وقت الحاجة وجعل الإنشاء بداع الجدّ بالنسبة إلى الجميع وتعميم المصالح الثانوية إن ورد المخصّص بعد وقت الحاجة وعليه فلا يتعدّد الداعي ولا منافاة للقاعدة المذكورة.
ويمكن دفعه :
أوّلا : بما أفاده سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره من أنّه مضافا إلى عدم جريان برهان امتناع صدور الواحد عن الكثير في مثل المقام (٢) وإلى أنّ الوجدان حاكم بأنّ
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ١٨٦ ـ ١٨٧.
(٢) لأنّ القاعدة المذكورة على فرض تماميّتها تختصّ موردها بالواحد البسيط الشخصيّ التكويني لا الواحد الاعتباريّ النوعي إذ لا مانع من أن يكون معلول العلل المتعدّدة واحدا نوعيّا كالحرارة بالنسبة إلى الشمس والنار ونحوهما فضلا عن الاعتباريات.