ولكن لا يخفى عليك أنّ تحقّق القيود والشروط المذكورة في الحكم العقلي قليل الوقوع. هذا تمام الكلام في الملازمة الأولى.
واما الملازمة الثانية وهي قاعدة كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل فهي صحيحة أيضا إن اريد من الحكم الشرعيّ الحكم الشرعيّ الحقيقي واريد من العقل هو العقل المحيط على مناطات الشرعيّة بعد ما عليه العدليّة من ابتناء الأحكام على المصالح والمفاسد. وعليه فلا يرد أنّ الأوامر الامتحانيّة أو الأوامر الصادرة تقيّة من الأوامر الشرعيّة مع أنّ متعلّقاتها ليست محسنة بحيث يحكم العقل بها ، فدعوى الملازمة المذكورة من أنّ كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل غير صحيحة ؛ لأنّ الحكم الشرعي في تلك الموارد موجود ، ولا حكم للعقل.
وذلك لأنّ الأوامر الامتحانيّة ليست بأوامر حقيقة ، وعليه فتلك الأوامر خارجة عن محلّ الكلام ، بل هى إمّا تورية أو تؤوّل إلى الأوامر بالنسبة إلى مقدّماتها دون ذيها ، وهكذا الأوامر الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام تقيّة لحقن دمائهم ليست أوامر حقيقة بل هي أفعال صادرة لحفظ دمائهم ، ولا تفيد البحث.
هذا ، مضافا إلى إمكان أن يقال : إنّ الأوامر الامتحانيّة أو الصادرة عنهم تقيّة لحفظ دمائهم أو دماء الشيعة لا تخلو عن المحسّنات ولو كانت في نفس التكاليف ، والعقل بملاحظة تلك المحسّنات أيضا يحكم بها كما لا يخفى.
ولكن أورد عليه في نهاية الدراية بأنّ الحكم الشرعي لا يكشف عن المصلحة والمفسدة إلّا إجمالا ، فلا يعقل الحكم من العقل بحسنه أو قبحه تفصيلا ، وأمّا الحكم بحسنه أو قبحه إجمالا بأن يندرج تحت القضايا المشهورة فلا دليل له ؛ لأنّ المصالح والمفاسد التي هي ملازمات الأحكام الشرعيّة المولويّة لا يجب أن يكون من المصالح العموميّة التي يحفظ بها النظام ويبقى بها النوع ، كما أنّ الأحكام الشرعيّة غير منبعثة عن انفعالات طبيعية من رقّة أو رحمة أو ألفة أو غيرها ، ولا ملاك للحسن والقبح