واحد ؛ لأنّ الواحد لا يعقل صدوره عن علّتين مستقلّتين في الدعوة. (١)
لأنّا نقول : أوّلا : إنّ المدح والذمّ العقليين لا يلازمان الثواب والعقاب ولو بملاحظة أوساط الناس ، ويشهد لذلك صحّة المذمّة دون العقاب فيما إذا ألقى المولى لباس المولوية وأمر ونهى بحيثيّة الإرشاد ؛ فإنّ عصيانه حينئذ يوجب المذمة ، ولكن لا يوجب العقوبة ؛ لأنّ المفروض عدم ملاحظة حيثيّة المولويّة ، وحيث إنّ المفروض في المقام أنّ الشارع حكم بما هو عاقل لا بما هو شارع ، فلا يكون حكمه مستلزما للعقوبة. وعليه فمع حكم الشارع بما هو عاقل لا يحصل الداعي الذي يحصل من حكم الشارع بما هو شارع ، ومعه فلجعل الداعي من قبل الشارع مجال ، وحيث إنّ أوساط الناس لا يرتدعون إلّا بالعقوبة الشرعيّة ، فجعل الداعي من قبل الشارع بما هو شارع له فائدة تامّة.
ودعوى اجتماع الداعيين المتماثلين مندفعة بإمكان التأكيد ، كما أنّ الأمر في جمع العنوانين كذلك.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ دعوى الملازمة وإن كانت ممكنة والمناقشات الصغرويّة لا تضرّ بها ، ولكن بعد إمكان الاكتفاء بالدلالة العقليّة ـ أي حكم الشارع بما هو عاقل ـ لا دليل على لزوم حكم الشارع بما هو شارع بعد كونه حاكما بما هو عاقل.
إلّا أنّ الإنصاف أنّ الحكم العقلي كثيرا ما لا يكفي في إمكان جعل الداعي في أوساط الناس. وعليه فمقتضى قاعدة اللطف والحكمة هو أن يحكم الشارع بما هو شارع أيضا ، ولعلّه لذلك ذهب المشهور إلى وجود الملازمة ، وهو صحيح فيما إذا كان العقل محيطا وكان حكمه في ناحية العلل والمناطات أو الواقعيّات ، ولا يكون الحكم العقلي كافيا في التحريك والانبعاث.
__________________
(١) نهاية الدراية مبحث الانسداد ٢ : ١٢٩.