لدلالة دليل الأمارة مثلا على ترتيب آثار الواقع مطلقا ، ومنها الأثر المترتّب على الواقع عند تعلّق القطع به حتّى في صورة كون القطع تمام الموضوع ؛ إذ لمتعلّقه دخل شرعا ولو بنحو العنوانيّة المحفوظة في جميع المراتب. وهذا التنزيل وإن كان يقتضي عقلا تنزيلا آخر حيث إنّ الواقع لم يكن له في المقام أثر بنفسه حتّى يعقل التعبّد به هنا وتنزيل المؤدّى منزلة الواقع بلحاظه لكنّه لا يقتضي عقلا أن يكون المنزّل منزلة الجزء الآخر هو القطع بالواقع الجعلى ؛ لإمكان جعل شيء آخر مكانه ، إلّا أنّه لا يبعد عرفا أن يكون هو القطع بالواقع الجعلى ، فصون الكلام عن اللغويّة بضمّ الملازمة العرفيّة يدلّ على تنزيل آخر في عرض هذا التنزيل للجزء الآخر الآخر. (١)
ولعلّ الوجه في حكم العرف بأنّ المنزل منزلة الجزء الآخر هو القطع بالواقع الجعلي دون شيء آخر : أنّ التنزيل بلحاظ الأثر ، والمفروض أنّ الأمر الواقعي لا أثر له بنفسه ، بل الأثر للقطع به ، فالمناسب للمنزل عليه عرفا هو أن يكون المنزل هو القطع بالواقع الجعلي لا شيء آخر
وبعبارة اخرى : أنّ دليل اعتبار الأمارة والاستصحاب وإن تكفّلا جعل المؤدى أو المستصحب بمنزلة الواقع لكن يدلّ بالدلالة الالتزامية على أنّ القطع بهما بما هما منزلان منزلة الواقع بمنزلة القطع بالواقع ، فثبت أحد جزئي الموضوع بمفاد دليل الاعتبار والجزء الآخر بالملازمة ، هذا مضافا إلى إمكان أن يقال في وجه الملازمة : إنّ من أخبر عن موت زيد مثلا كان غرضه من الإخبار عن وقوع الموت نفي التشكيك وجدانا عن المخاطبين أيضا بحيث لو علم أنّ المخاطبين يكونون عالمين بذلك لم يخبرهم بذلك. وإذا عرفت ذلك فلو أمر شخص بتصديق المخبر رجع أمره إلى تصديق المخبر في وقوع الموت وفي عدم صحّة التشكيك. وهكذا يكون الأمر في أمر
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ٢١.