المذكورة وظائف مقرّرة للجاهل في مقام العمل شرعا أو عقلا ، لا هذا الوجه. وقد أشار بنفسه إلى ما ذكرناه في عبارته ضمنا فراجع. هذا ، مضافا إلى أنّه أنكر الاحتياط النقلي ، مع وضوح ورود بعض الروايات يدلّ على جواز الاكتفاء في تكرار الصلاة عند اشتباه جهة القبلة إلى أربع جهات ، هذا.
ثم إنّه ربّما يتوهّم أنّ الاحتياط العقلي والشرعي عدا مورد الشبهة البدويّة من الاصول المحرزة ؛ لأنّه مقتضى العلم الإجمالي. ومن المعلوم أنّ العلم الاجمالي طريق إلى الواقع ، والعقل والشرع اعتبرا ذلك طريقا ويعامل معه معاملة القطع والعلم التفصيلي في لزوم الاجتناب ، وعليه فالأولى أن يمثّل للاصول غير المحرزة بمثل قاعدة الحلّيّة أو قاعدة الطهارة والاحتياط في الشبهة البدويّة قبل الفحص.
ويمكن دفع هذا التوهّم بأنّ العبرة في موارد الاحتياط العقلي بنفس الاحتمال لا بالعلم الإجمالي. ومن المعلوم أنّ الاحتمال لا طريقيّة له ، فتأمّل.
بقي شيء وهو أنّ صاحب الكفاية بعد ما منع عن قيام الأمارات والاصول المحرزة مقام القطع الموضوعي مطلقا من جهة امتناع الجمع بين اللحاظين المتنافيين من اللحاظ الآلي والاستقلالي ذكر وجها آخر لجواز قيامها مقامه. وهذا الوجه مذكور في تعليقته على فرائد الاصول ، وحاصله : أنّ المحذور المذكور فيما إذا كان التنزيلان بالدلالة المطابقة في عرض واحد ، وأمّا إذا كان احدهما بالمطابقة والآخر بالالتزام فلا يلزم المحذور المذكور ؛ لأنّ أدلّة اعتبار الأمارات والاصول المحرزة متكفّلة لتنزيل المؤدّى منزلة الواقع فقط ، فلا يكون هناك إلّا اللحاظ الآلي إلّا أنّ هذه الأدلّة الدالّة على تنزيل المؤدّى منزلة الواقع بالدلالة المطابقيّة تدلّ على تنزيل العلم بالمؤدى منزلة العلم بالواقع بالالتزام لأجل الملازمة العرفيّة بين التنزيلين ، انتهى.
قال المحقّق الأصفهاني : إنّ تنزيلين بإنشاءين في عرض واحد يدلّ دليل الاعتبار على أحدهما بالمطابقة وعلى الآخر بالالتزام ليس محالا ، وهنا كذلك ؛