المعصية ولو كانت المعصية معصية في زعمه ، فالقبيح هو الفعل المسبوق بالعزم على المعصية ولو في زعمه أو العزم المتعقّب بفعل المعصية ولو في زعمه ، فلا تغفل.
التنبيه الحادى عشر :
أنّ المعيار في اختياريّة الأفعال والتروك ونفي الجبر هو التمكّن من خلافهما بالتأمّل فيما يترتّب عليهما من المصالح أو المفاسد والعقوبة أو المثوبة ، والتمكن موجود بشهادة الوجدان ؛ لوجود القدرة على إيجاد الأضداد عند إرادة الأفعال أو التروك.
وهكذا الأمر في أفعال النفس من القصد والعزم والإرادة ، فإنّ اختياريّتها بالتمكّن من خلاف كلّ واحد منها لا بالإرادة وهي بالإرادة وهكذا ، بل القصد أو العزم أو الإرادة اختياريّ من دون حاجة إلى مسبوقيّة كلّ واحد بالإرادة.
فما قيل في تعريف الاختياريّ من أنّ الاختياريّ هو ما كان مسبوقا بالإرادة وهي ليست باختياريّة وإلّا لتسلسل منظور فيه ؛ لما عرفت من اختياريّة الأفعال والتروك سواء كانت أفعال الجوارح أو أفعال القلوب بالتمكّن من الخلاف وإيجاد الأضداد أو النقائض ، ولا حاجة في اختياريّتها إلى استنادها إلى الإرادة حتّى يقال : إنّ اللازم من مسبوقيّة الإرادة بالإرادة هو التسلسل. والتمكّن المذكور الذي هو معيار الاختيار أمر وجدانيّ يدركه الإنسان عند أفعاله مطلقا وهو السبب في استحقاق المؤاخذة عند الموالي والعبيد ، وهذا التمكّن من عطيّات الله سبحانه وتعالى.
ولا يضرّ بصدق الاختيار كون التمكّن المذكور مفاضا من ناحية المبدأ المتعال وكوننا واجبا بالغير بل هو مقتضى الأمر بين الأمرين. والمعيار في صدق الاختيار على أفعال الواجب المتعال هو التمكّن من الخلاف أيضا لا مسبوقيّة أفعاله بالإرادة والإرادة بالإرادة مع ما يلزم منه من استحالة حدوث الإرادة في ذاته تعالى ، فكما أنّ استناد التمكّن المذكور إلى الواجب المتعال لا يمنع عن صدق الاختيار بالنسبة إلى أفعاله سبحانه وتعالى ، فكذلك استناد التمكّن المذكور إلى الإنسان الواجب بالغير لا