الاستثناء (١).
وظاهر كلامه هو اختيار القول الثاني حيث إنّه إذا لم يمكن رجوع الاستثناء إلى الجميع فلا محالة يكون ظاهرا في الرجوع إلى الأخيرة من الجمل فبقيت سائر الجمل على ظهورها إذ الاستثناء المذكور لا يصلح للرجوع إليها.
ويمكن الجواب عنه بأنّا لا نسلّم تعدّد الإخراج بتعدّد الأطراف إذ يمكن إخراج المتعدّدات بإخراج واحد كما يمكن نداء الأشخاص بنداء واحد مع أنّ الأشخاص بوجودهم الخاصّ يكونون موردا للنداء وعليه فلا يلزم من كون الاستثناء مربوطا بالجمل المتعدّدة استعمال أداة الاستثناء في أكثر من معنى واحد كما أنّه لا يلزم من نداء الأشخاص المتعدّدة بنداء واحد استعمال أداة النداء في أكثر من معنى واحد بل الإخراج والنداء مستعملان في المعنى الواحد ومعنى كون اللفظ فانيا في المعنى ليس هو إلّا إفادة المعنى لا الفناء التكوينيّ لأنّه خلف في الواقعيّات.
قال سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره إنّ الاستعمال ليس إلّا جعل اللفظ آلة لإفادة المعنى.
فإن كان هذا هو المراد من جعله قالبا وفانيا ووجها وعنوانا للمعنى إلى غير ذلك من التعبيرات فلا دليل على امتناع كون شيء واحد قالبا لشيئين أو فانيا فيهما أي يكون اللفظ منظورا به والمعنيان منظورا فيهما وإن كان المراد شيئا آخر فلا بدّ من بيانه ووجه امتناعه.
وأمّا فناء اللفظ بحسب وجوده الواقعي في المعنى بحيث لا يبقى واقعا إلّا شيئيّة المعنى فهو أمر غير معقول لأنّ اللّفظ له فعليّة وما كان كذلك لا يمكن أن يفنى في
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٢٠٧.