الاعتبار مع أنّ ما ذكره في السرّ ليس أمرا ظاهرا لا يقبل المنع (١).
اورد عليه أوّلا : أنّ دعوى كون الشمول للمعدومين الغائبين على وجه الحقيقة مع الالتزام بتنزيل الغائب والمعدوم منزلة الموجود الحاضر مندفعة بأنّ المخاطبة والتوجيه نحو الغير حقيقة لا يمكن إلّا إذا كان الغير موجودا وكان بحيث يتوجّه إلى الكلام ويلتفت إليه وفرض الحضور والالتفات لا يوجب كون الخطاب على وجه الحقيقة وإن لم يستعمل أداة الخطاب في غير معناها.
وعليه لو كانت أداة الخطاب للخطاب الحقيقي لأوجب استعماله فيه تخصيص ما يقع في تلوه بالحاضرين كما أنّ قضية إرادة العموم منه لغيرهم استعماله في غير ما وضع له أو رفع اليد عن المخاطبة الحقيقيّة.
وثانيا : كما في الكفاية أنّ الظاهر أنّ مثل أدوات النداء لم يكن موضوعا للخطاب الحقيقي بل هي موضوعة للخطاب الإنشائيّ الايقاعي نعم لا يبعد دعوى الانصراف إلى الحقيقي ما لم يمنع عنه مانع.
كما يمكن دعوى وجوده غالبا في كلام الشارع ضرورة عدم اختصاص الخطابات بمن حضر المسجد بحيث لا تشمل الموجودين في عصره صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وثالثا : أنّ دعوى عدم الدليل على العموم كما ترى إذ عدم اختصاص الخطابات بمن حضر المسجد دليل على العموم فتأمّل.
هذا مضافا إلى أنّ صحّة النداء بالأدوات مع إرادة العموم من العامّ الواقع تلوها بلا عناية وعلاقة حاكية عن كون الخطابات إنشائيّة لا حقيقيّة.
ويشهد لذلك أنّ القارئ لمثل القرآن الكريم يرى بالارتكاز نفسه مخاطبا بخطابات القرآن الكريم ومتلقّيا للتكاليف بنفسه.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٢٠٢ ـ ٢٠٣.