الأخصّ لاحتياج الانفهام المذكور إلى مقدمة اخرى إذ المفروض أنّ الملازمة فيها غير بيّنة بالمعنى الأخصّ مع أنّ المفهوم هو القضيّة التابعة للقضيّة المذكورة بنحو الدلالة الالتزاميّة بالبيّن بمعنى الأخصّ وعليه فلا يخفى ما في نهاية الدراية.
حيث قال إنّ انفهام التبعي إن كان من كلام واحد كان المدلول مفهوما وإن كان من كلامين كأقلّ الحمل المنفهم من الآيتين كان منطوقا إلّا أن يصطلح على تسمية مطلق ما يفهم تبعا مفهوما ولا مشاحة في الاصطلاح (١).
لما عرفت من عدم دلالتهما عليه من جهة المنطوق لعدم كون إحدى الآيتين ناظرة الى الأخرى ولا من جهة المفهوم لعدم اشتمالهما على خصوصيّة تستلزم هذه الدلالة بالدلالة الالتزاميّة بالبيّن بمعنى الأخصّ.
نعم يمكن إدراجها في لوازم المنطوق من جهة كونها مستفادة بالدلالة الالتزامية بالبيّن بمعنى الأعمّ ومن المعلوم أنّ لوازم الإمارات حجّة سواء كانت بيّنة بمعنى الأخصّ أو بمعنى الأعمّ وإن لم يكن إحدى الآيتين ناظرة إلى الأخرى.
وممّا ذكر يظهر ما في الوقاية حيث قال : وأين من المنطوق استفادة حكم من آيتين متفرّقتين غير ناظرة إحداهما إلى الأخرى وهو حكم لا يهتدى إليه إلّا الألمعي الفطن بعد ضرب من الاجتهاد (٢).
هذا كلّه بناء على استفادة المفهوم من أداة الشرط أو القضيّة الشرطيّة بالوضع أو مقدّمات الإطلاق الجارية في الكلام.
وأمّا بناء على ما نسب إلى القدماء من أنّ دلالة الخصوصيّة المذكورة في الكلام كالشرط على الانتفاء عند الانتفاء من باب بناء العقلاء على حمل الفعل الصادر عن الغير على كونه صادرا عنه لغاية وكون الغاية المنظورة منه هو دخالتها في المطلوب
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٥٩ و ١٦٠.
(٢) الوقاية : ص ٤١٠.