فملاك الخروج هو عدم كون الدلالة لفظيّة لا أنّ الدلالة ليست بين وجوب ذي المقدمة وجوب مقدّماته على نحو اللزوم البيّن كما يظهر من موضع من المحاضرات حيث قال : ومن ضوء هذا البيان يظهر خروج مثل وجوب المقدّمة وحرمة الضدّ وما شاكلهما عن محلّ الكلام فإنّ الملازمة على القول بها وإن كانت ثابتة بين وجوب شيء ووجوب مقدّمته ووجوب شيء وحرمة ضدّه ونحو ذلك إلّا أنّها ليست على نحو اللزوم البيّن ضرورة أنّ النفس لا تنتقل من مجرّد تصوّر وجوب الشيء ومقدمته إلى وجوبها ما لم تتصوّر مقدّمة أخرى وهي حكم العقل بالملازمة بينهما فالنتيجة أنّ الملازمة في تلك الموارد لا تكون على شكل اللزوم البيّن (١).
وذلك لأنّ اللزوم بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب مقدّماته وإن فرض بيّنا بالمعنى الأخصّ خارج عن المقام لما عرفت من أنّ المفهوم هو القضيّة التابعة للمذكورة لخصوصيّة في المذكورة وهذا لا يصدق عليه وإن كان من الدلالات الالتزاميّة العقليّة البيّنة كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا يظهر أيضا خروج دلالة الاقتضاء عن مثل المقام فإنّ انفهام كون أقلّ الحمل هو ستّة أشهر من الآيتين أعني قوله عزوجل (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)(٢).
وقوله تبارك وتعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)(٣).
هو مقتضى تفريق الحولين من ثلاثين شهرا بحكم العقل فلا يكون من المفهوم لأنّه منفهم من كلامين بحكم العقل مع عدم كون إحدى الآيتين ناظرة إلى الأخرى هذا مضافا إلى عدم اشتمالهما على خصوصيّة تستتبع المفهوم بنحو اللزوم البيّن بالمعنى
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ص ٥٦ و ٥٥.
(٢) الاحقاف : ١٥.
(٣) البقرة : ٢٣٣.