على أنّ المنطوق وخلافه من أوصاف المدلول (١).
وإن أمكن اتّصاف الدلالة باعتبار علّيّة اللفظ لانفهام المعنى المطابقي بالدلالة المطابقيّة وباعتبار علّيّة اللفظ لانفهام المعنى الالتزامي بالدلالة المفهوميّة.
وأمّا ما في نهاية الدراية من أنّ معنى الدلالة بالمعنى الفاعلي هو علّيّة اللفظ لانفهام المعنى ولا يكون ذلك إلّا بقالبيّة اللفظ للمعنى ومن الواضح أنّ اللفظ ليس قالبا إلّا للمعنى المنطوقي لا أنّه قالب أولا وبالذات للمعنى المنطوقي وثانيا وبالتبع للمعنى المفهومي فإنّه غير معقول بل الموجب لانفهام المعنى المنطوقي نفس اللفظ ولانفهام المعنى المفهومي نفس انفهام المعنى المنطوقي الخاصّ فتدبّر (٢).
ففيه ما لا يخفى لما مرّ في مبحث الوضع من أنّ القالبيّة ممنوعة إذ حقيقة الوضع هو جعل العلقة والارتباط والعلاميّة ولا إشكال حينئذ في جعل الارتباط والعلاميّة بين لفظ والمعنى المنطوقي أولا وبالذات وبين اللفظ والمعنى المفهومي ثانيا وبالتبع فالعمدة هو ما ذكرنا من أنّ الظاهر من التعاريف أنّهما وصفان للمدلول لا الدلالة ، فلا تغفل.
وانقدح ممّا ذكر من أنّ المفهوم تابع للخصوصيّة المذكورة في المنطوق خروج مثل وجوب المقدّمة وحرمة الضدّ ونحوهما عن محلّ الكلام فإنّ الصيغة الدالّة على وجوب ذي المقدّمة لا تشتمل على خصوصيّة تدلّ باعتبارها على وجوب مقدّماته.
ومن المعلوم أنّ مجرّد كون وجوب المقدّمات تابعا لوجوب ذيها لا يكفى في إدراجه في المفهوم لأنّ دلالة وجوب ذي المقدّمة على وجوب مقدّماته على القول به دلالة التزاميّة عقليّة بين وجوب شيء ووجوب مقدّماته وليست من المداليل اللفظيّة المنطوقيّة.
__________________
(١) مطارح الانظار : ص ١٦٥.
(٢) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٦٠.