أمر بالنسبة إلى متعلّق النهي إذ لا يمكن اجتماعهما في عنوان واحد ، كما لا ملاك فإنّ النهي عن العبادة مع فرض الإطلاقات الدالّة على مطلوبيّة العبادة يرجع إلى استثناء مورد النهي عن تلك المطلقات ، ومعنى الاستثناء المذكور هو تقييد المادّة ومقتضى ذلك هو عدم وجود الملاك فيها ، هذا مضافا إلى تضادّ المفسدة مع المصلحة فمع وجود المفسدة في العبادة بعنوانها كما هو المفروض لا يمكن اجتماعها مع المصلحة بذلك العنوان كما لا يخفى.
ربّما يقال كما في نهاية الأفكار أنّ النهي المولويّ المتعلّق بعنوان العبادة غير مقتض لفساد العبادة إلّا من جهة قضيّة الإخلال بالقربة الموقوفة على العلم به وإلّا فمن جهة فقدانها للملاك والمصلحة لا دلالة عليه بوجه من الوجوه لأنّ غاية ما يقتضيه النهي المزبور بما أنّه نهي مولويّ تحريميّ إنّما هو الدلالة على قيام المفسدة في متعلّقه وأمّا الدلالة على عدم وجود ملاك الأمر والمصلحة فيه ولو من جهة اخرى فلا. نعم مع الشكّ في الملاك كان مقتضى الأصل هو الفساد ولكنه غير مرتبط باقتضاء النهي المولويّ لذلك كما هو واضح (١).
ولعلّ وجهه هو إمكان اجتماع المفسدة والمصلحة في عنوان واحد بجهتين تعليليّتين كما في مثل وضع العمامة على الرأس لمن كان له وجع الرأس في مجلس فيه جماعة من الأخيار حيث إنّ كون العمّامة في الرأس مع كونه فيه كمال المفسدة بلحاظ وجع الرأس كان فيه أيضا كمال المصلحة بلحاظ كونه نحو إعزاز وإكرام للمؤمنين وكون تركه هتكا وإهانة لهم كما صرّح به قبل العبارة المذكورة آنفا (٢).
ولكن عرفت أنّ محلّ الكلام هو ما إذا كان النهي عن العبادة بعنوان واحد وجهة واحدة لا ما إذا كان العنوان متعدّدا أو الجهات متعدّدة فإنّه خارج عن محلّ
__________________
(١) نهاية الأفكار : ص ٤٥٦.
(٢) نفس المصدر : ص ٤٥٣.