العبادة محرّمة حقيقة ولا دخل لسبب الحرمة نفيا وإثباتا كي يتكلّم فيه (١).
ثمّ لا يخفى عليك أنّ مقتضى ما عرفت سابقا من أنّ محلّ النزاع في المقام هو ما إذا تعلّق النهي بذات العبادة بعنوان واحد أنّ البحث عن النهي عن الوصف الملازم للعبادة ـ كالنهي عن الجهر في موضع الإخفات وعن الإخفات في موضع الجهر ـ خارج عن محلّ النزاع وداخل في مسألة اجتماع الأمر والنهي لأنّ عنوان الإجهار غير عنوان القراءة والمغايرة الذهنيّة تكفي في تعدّد متعلّق الأمر والنهي ولا يضرّه اتّحاد وجودهما في الخارج لأنّ الخارج ظرف للسقوط لا للثبوت ولذا قلنا بجواز الاجتماع في صورة الاتّحاد كصورة الانضمام.
هذا مضافا إلى أنّ الوحدة الخارجيّة ـ على الامتناع ـ لا توجب إلّا سقوط الأمر لعدم إمكان اجتماعهما.
وأمّا ملاك الأمر بالقراءة فهو موجود لكون القراءة الجهريّة مصداقا لعنوانين أحدهما القراءة والآخر الجهر بها.
على أنّ القراءة يمكن انفكاكها عن الإجهار بإتيانها مع الإخفات في الظهرين ، كما يمكن انفكاكها عن الإخفات بإتيانها مع الإجهار في العشاءين ، وعليه فلا يكون بين القراءة والإجهار أو الإخفات تلازم بحسب ملاحظتهما مع الظهرين أو العشاءين ، وعليه فلا يكون أصل القراءة منهيّا عنه كما لا يخفى ، ثمّ لا يخفى أن أظهر من خروج النهي عن الوصف الملازم عن محلّ الكلام ودخوله في مسألة اجتماع الأمر والنهي هو خروج النهي خروج النهي عن الوصف المفارق للموصوف.
وذلك لأنّ الوصف المفارق إن كان غير متّحد مع الموصوف ولم نقل بسراية الحكم من أحدهما إلى الآخر فلا مناص من القول بالجواز ولا يتجاوز النهي عن
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٤٨ ـ ١٤٧.