وممّا ذكر يظهر ما في الكفاية حيث ذهب إلى الفرق بين الكلّيّات والموارد في مجعوليّة الصحّة والفساد فذهب إلى مجعوليّتهما في الكلّيّات دون الموارد وذلك لما عرفت من كفاية المجعوليّة التبعيّة وعدم الحاجة إلى المجعوليّة الاستقلاليّة.
هذا مضافا إلى إمكان كون القضايا في الأحكام الظاهريّة بنحو القضيّة الحقيقيّة ومجعوليّة الأثر لموضوعاتها من دون فرق بين العبادات والمعاملات.
فالصحّة والفساد مجعولة حينئذ في كلا البابين مطلقا فاتّضح عدم صحّة قول من ذهب إلى عدم المجعوليّة مطلقا وهكذا قول من فصّل بين العبادات والمعاملات لما عرفت من أنّ الأقرب هو التفصيل بين الأوامر الواقعيّة والأوامر الظاهرية فتدبّر جيّدا.
المقدّمة السادسة : في مقتضى الأصل في المقام.
والكلام فيه يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في مقتضى الأصل في المسألة الاصوليّة ولا يخفى عليك أنّه إذا شكّ في أنّ النهي هل يدلّ لفظا على الفساد أو لا أو شك في أنّ الحرمة هل تكون ملازمة مع الفساد عقلا أو لا فلا أصل في المسألة.
أمّا في الدلالة فلأنّ الدلالة وعدمها ليست لهما حالة سابقة لأنّ اللفظ إمّا وضع من أوّل وجوده لما يستفاد منه الفساد أو لغيره والمفروض أنّه لم يعلم أيّ منهما ولم يمض على اللفظ زمان يعلم فيه حالة سابقة اللهمّ إلّا أن يقال كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره انّ عروض التركيب لطبيعيّ اللفظ في ذهن الواضع كان قبل الدلالة والوضع زمانا أو يقال انّ الدلالة تحقّقت بعد الوضع زمانا (١).
وفيه أنّ محلّ الكلام هو اللفظ الدالّ لا اللفظ قبل دلالته فتأمّل.
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٥٦.