ترتّب الحكم على موضوعه فهو يرتبط بالمأتيّ به بهذا الارتباط وهو يكفي في وصف المأتيّ به بالصحّة وكونه مسقطا للأمر بالقضاء وإن كانت العلّة الغائيّة لعدم الأمر به شيئا آخر (١).
ثمّ لا يخفى عليك أنّه لا فرق في ما ذكر بين العبادات والمعاملات فإنّه كما أنّ الحكم بعدم وجوب القضاء أو الإعادة يكون منشأ لانتزاع الصحّة الظاهريّة في العبادات في مثل موارد قاعدة الفراغ والتجاوز فكذلك يكون الحكم بعدم تكرار المعاملة منشأ لانتزاع الصحّة الظاهريّة في موارد أصالة الصحّة في المعاملات.
فاستناد الصحّة الظاهريّة إلى الحكم الشرعيّ ولو بنحو من الأنحاء يكفي في جريان الاستصحاب مطلقا سواء كانت الصحّة الظاهريّة في العبادات أو المعاملات.
ثمّ لا يذهب عليك أنّه ذهب في المحاضرات إلى التفصيل بين العبادات وجعل الصحّة والفساد فيها أمرين واقعيّين دون المجعولين أصلا لا أصالة ولا تبعا بدعوى أنّ انطباق الطبيعيّ على فرده في الخارج وعدم انطباقه أمران تكوينيّان وغير قابلين للجعل تشريعا من دون فرق في ذلك بين الماهيّات الجعليّة وغيرها ، والصحّة والفساد منتزعان من انطباق العبادات على الوجود الخارجيّ وعدم انطباقها عليه فلا تنالهما يد الجعل أصلا لأنّ المجعول هو الحكم المتعلّق بالماهيّات الجعليّة من دون فرض وجودها (وإلّا لزم تحصيل الحاصل).
وبين المعاملات فإنّها بما أنّها اخذت مفروضة الوجود في لسان أدلّتها فبطبيعة الحال تتوقّف فعليّة الإمضاء على فعليّتها في الخارج فما لم تتحقّق المعاملة فيه لم يعقل تحقّق الإمضاء لاستحالة فعليّة الحكم بدون فعليّة موضوعه ، وعلى ذلك فإذا تحقّق بيع مثلا في الخارج تحقّق الإمضاء الشرعي وإلّا فلا إمضاء له لأنّ الإمضاء الشرعيّ في
__________________
(١) منتقى الاصول : ج ٣ ص ١٧٥.