أمرا انتزاعيّا والأمر الانتزاعيّ ليس مجعولا شرعيّا كما يظهر من المحقّق الأصفهانيّ (١).
مع إنك عرفت أنّها وإن كانت انتزاعيّة ولكن الانتزاع المذكور يكون تبعا ولو بنحو من الأنحاء للتصرّف الشرعيّ في منشأ الانتزاع.
لا يقال ـ كما في تعليقة المحقّق الأصفهانيّ ـ أنّ الصحّة بمعنى مسقطيّة المأتي به للأمر بالإعادة والقضاء مستندة إلى مصلحة التسهيل وهي واقعيّة لأنّ العلّة لعدم الأمر بالقضاء هي مصلحة التسهيل المانعة عن اقتضاء بقيّة المصلحة للمبدل للقضاء في الأحكام الظاهريّة فلا تكون الصحّة جعليّة بتبع إنشاء عدم وجوب الإعادة والقضاء (٢).
لأنّا نقول أوّلا إنّ المصلحة الواقعيّة لو كانت مانعة عن مجعوليّة الصحّة لكانت مانعة عن مجعوليّة الأحكام التكليفيّة لأنّها مستندة إليها فكما أنّ عدم وجوب الإعادة والقضاء أمران مجعولان فكذلك تكون المسقطيّة المنتهية إلى الأمرين المذكورين مجعولة تبعا فلا وجه للتفرقة بين عدم وجوب الإعادة والقضاء والصحّة بالمعنى المذكور.
وثانيا : إنّ العلّة لعدم الأمر بالقضاء والإعادة هي رفع اليد عن الشرط أو الجزء فمع رفع اليد عنهما ينطبق المأمور به قهرا على المأتيّ به وينتزع منه الصحّة ، ولكنّه مع ذلك كان منتهيا إلى الرفع الشرعي وهو كاف في جريان الاستصحاب.
وثالثا : كما أفيد أنّ نفي وجوب القضاء والإعادة وإن كانت علّته الغائيّة والداعي له هو مصلحة التسهيل الغالبة على المصلحة الأوّليّة لكنّ موضوعه من جاء بالعمل الاضطراريّ أو الظاهريّ دون غيره فنفي الأمر بالقضاء يترتّب على المأتيّ به
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٤٤ و ١٤٥.
(٢) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٤٥.