وضعا ورفعا ولو بوضع منشأ انتزاعه ورفعه ، وعليه فلا فرق بين أن يكون المستصحب مجعولا مستقلّا كالتكليف أو مجعولا تبعيّا كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة التي تكون مجعولة بتبع تعلّق الأمر أو تقيّده بوجود شيء أو بعدمه.
ولا ضير في انتزاعيّة الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة لأنّ هذه الامور الانتزاعيّة ممّا تناله يد الشارع بوضع منشأ انتزاعها ورفعه فلا وجه لاعتبار أن يكون المترتّب أو المستصحب مجعولا مستقلّا فراجع (١).
وأيضا صرّح بذلك في مبحث البراءة في الأقلّ والأكثر حيث قال لا يقال إنّ جزئيّة السورة المنسيّة مثلا ليست بمجعولة وليس لها أثر مجعول ، والمرفوع بحديث الرفع إنّما هو المجعول بنفسه أو أثره ووجوب الإعادة إنّما هو أثر بقاء الأمر بعد التذكّر مع أنّه عقلي وليس إلّا من باب وجوب الإطاعة عقلا.
لأنّه يقال إنّ الجزئيّة وإن كانت غير مجعولة بنفسها إلّا أنّها مجعولة بمنشإ انتزاعها وهذا كاف في صحّة رفعها (٢).
وعليه فلا مانع من أن يقال : إنّ الصحّة والفساد أيضا من الامور الانتزاعيّة التي تكون مجعولة بتبع مجعوليّة منشأ انتزاعها فإنّ انتزاع الصحّة الظاهريّة من العمل في موارد قاعدتي التجاوز والفراغ في العبادات ومن المعاملات في موارد الشكّ فيها يكون تابعا لتصرّف الشارع في المنشأ برفع اليد عن الشرط أو الجزء أو المانع فكما أنّ انتزاعيّة الجزئيّة لا تمنع عن جريان البراءة والاستصحاب فكذلك انتزاعيّة الصحّة الظاهريّة لا تمنع عن جريان الاستصحاب ولا يلزم في جريان الاستصحاب أن تكون الصحّة مجعولة بالاستقلال وعليه فالانتزاعات المترتّبة على الوضع والرفع الشرعيّ تكون مجعولة بالتبع والمجعوليّة بالتبع كالمجعوليّة بالاستقلال في جريان الاستصحاب
__________________
(١) الكفاية : ج ٢ ص ٣٠٨ و ٣٢٩.
(٢) الكفاية : ج ٢ ص ٢٣٥.