النهي بذات العبادة لا بعنوان آخر ودلّ على مبغوضيّة العبادة.
والقول بأنّ الاختيار شيء وعموم النزاع في المسألة شيء آخر فإنّ اختياركم القول بأنّ النهي التنزيهيّ والغيريّ لا يقتضيان الفساد ليس معناه اتّفاق الكلّ على ذلك حتّى يكون النزاع في المسألة مختصّا بما عداهما ، والمفروض أنّ هناك من يقول بأنّ النهي التنزيهيّ والغيريّ يقتضيان الفساد صحيح بالنسبة إلى ما لا يكون خارجا عن موضوع المسألة كالنهي التنزيهيّ أو التحريميّ على ما ذهب إليه المحقّق العراقيّ قدسسره وأمّا بالنسبة إلى ما يكون خارجا عن موضوع المسألة كالنهي الغيريّ فلا يصحّ كما لا يخفى.
المقدّمة الرابعة : في المراد من العبادة والمعاملة المتعلّقتين للنهي
أمّا المراد من الاولى في المقام فليس ما يكون عبادة فعليّة تامّة من جميع الجهات وهو ما لا يحصل الغرض منه إلّا إذا أتى به بداعي الأمر أو القربة ضرورة أنّه لا يمكن أن يتعلّق بها النهي حينئذ لامتناع اجتماع النهي مع الأمر في شيء واحد فلا بدّ أن تفسّر العبادة في المقام بشيء يمكن أن يتعلّق النهي به وهو أمران :
أحدهما : ما يكون بذاته وبعنوانه حسنا بالذات ومرتبطا بالمولى من دون حاجة إلى تعلّق الأمر به فإنّه عبادة ذاتيّة وموجبة بذاتها للتقرّب من حضرة المولى لو لا حرمته ، وهذا مثل عنوان السجود له تعالى أو تسبيحه أو تقديسه سبحانه فإنّ هذه العناوين تكون من العناوين الحسنة بالذات ومرتبطة بالمولى ولا تحتاج في الحسن والارتباط إلى تعلّق أمر بها فحيث خلت عن الأمر جاز تعلّق النهي بها ولا يلزم من تعلّقه بها محذور الاجتماع في شيء واحد كما لا يخفى.
وثانيهما : ما لا يكون بذاته وبعنوانه حسنا ومرتبطا بالمولى بل يحتاج في الارتباط بالمولى إلى تعلّق الأمر به وحيث لا يمكن وجود الأمر الفعليّ لمحذور اجتماع الأمر والنهي فالمراد منه هو العبادة التقديريّة والشأنيّة بمعنى أنّ المراد منها كلّ عمل لو امر به لكان عباديّا لا يسقط أمره على فرض تعلّقه به إلّا إذا أتى به بوجه قربيّ.