فإنّ مقتضى تعلّق النهي بنفس العبادة هو أنّ العبادة من حيث ذاتها تكون منهيّا عنها ومن المعلوم أنّه لا يمكن اجتماع النهي المذكور مع الأمر بذات العبادة بعنوان واحد لعدم جواز اجتماع الامور المتضادّة في شيء واحد بعنوان واحد.
فمع وحدة الجهة والحيثيّة لا يبقى مجال لوجود المفسدة مع المصلحة أو لوجود المبغوضيّة مع المحبوبيّة أو لوجود المبعّديّة مع المقربيّة لتضادّها.
وعليه فلقائل أن يدّعي أنّ النهي الدالّ على وجود المفسدة أو المبغوضيّة أو المبعّديّة يدلّ بالالتزام على عدم وجود المصلحة أو المحبوبيّة أو المقرّبيّة.
ومن المعلوم أنّ مقتضى وجود التضادّ بين الامور المذكورة هو اقتضاء النهي المولويّ بوجوده الواقعيّ للفساد من جهة تضادّ المفسدة مع المصلحة والمحبوبيّة مع المبغوضيّة والمبعّديّة مع المقرّبيّة ، وتمشّي قصد القربة ممّن لا يعلم بالنهي لا يوجب صحّة العبادة لأنّ المفروض أنّ النهي بوجوده الواقعيّ لا يجتمع مع المصلحة ، والحسن الفاعليّ مع عدم الحسن الفعليّ لا يكفي في تحقّق العبادة.
هذا مضافا إلى أنّ البيان المذكور لخروج النهي المولويّ التحريميّ عن محلّ النزاع وإرجاع البحث إلى النزاع الصغرويّ خلاف ظاهر كلمات الأصحاب.
فإنّ التصريح بأنّ الموضوع هو النهي المولويّ التحريميّ أو الأعمّ من التنزيهيّ لا الإرشاديّ ينافي أن يكون الموضوع هو طبيعة النهي في نفسه بحيث يرجع النزاع إلى النزاع في أنّ طبيعة النهي المتعلّق بالشيء هل هو النهي المولويّ أو الإرشاديّ فلا تغفل.
فتحصّل أنّ النهي النفسيّ التحريميّ والتنزيهيّ داخلان في محلّ النزاع دون الإرشاديّ الغيريّ فإنّهما خارجان عن محلّ النزاع أمّا الإرشاديّ فلوضوح دلالة النهي على الفساد بلا كلام وأمّا الغيريّ فلمّا عرفت من عدم تعلّقه بذات العبادة وعدم دلالته على مبغوضيّة المتعلّق لأنّه لم يكن إلّا للإلزام بإتيان غيره والكلام فيما إذا تعلّق