فإن قلت : (١) فما فائدة الإنشاء؟ إذا لم يكن المنشأ به طلبا فعليا وبعثا حاليا.
قلت (٢) : كفى فائدة له أنه يصير بعثا فعليا بعد حصول الشرط ، بلا حاجة إلى
______________________________________________________
منها بقوله : «كما في موارد الأصول والأمارات على خلافها» أي : خلاف الأحكام الواقعية ، فإن مصلحة التسهيل أو غيره مانعة عن فعلية الحكم الواقعي. وإلى الثاني : بقوله : «وفي بعض الأحكام في أول البعثة» ، فإنها لم تكن فعلية لعدم استعداد المكلفين ، وقد أشار النبي «صلىاللهعليهوآله» في بعض الأخبار إلى ذلك. وإلى الثالث : بقوله : «بل إلى يوم قيام القائم عجل الله فرجه» ، فإنها بعد ظهوره تكون فعلية بعد ما لم تكن ، فهذه الأمور الثلاثة شواهد على تقييد الأحكام الفعلية بما هي فعلية ؛ لا الأحكام الواقعية بما هي واقعية.
(١) هذا الاعتراض من المصنف على نفسه دليل رابع للشيخ «رحمهالله» القائل برجوع القيد إلى المادة.
وحاصل هذا الاعتراض : أن كون الإنشاء حاليا مع كون المنشأ استقباليا ـ كما هو مقتضى رجوع القيد إلى الهيئة ـ عديم الفائدة ؛ فيلزم أن يكون الإنشاء لغوا لعدم فائدة فيه ؛ إذ المفروض : ترتب المنشأ ـ وهو مفاد الهيئة ـ على الشرط الذي لم يحصل بعد ، فالوجوب حينئذ لم يكن فعليا فيكون الطلب لغوا ؛ لأن المشروط لا يتحقق إلّا بعد تحقق شرطه ؛ مثلا : إذا كان وجوب ذهاب زيد إلى دار عمرو مقيدا بطلوع الشمس ؛ كان أمر المولى في الليل له بالذهاب كذلك لغوا ؛ لعدم وجه لكون الأمر مشروطا بشرط ، مع تمكن المولى من الأمر المطلق عند حصول الشرط ؛ بأن يأمره بذلك في المثال المذكور بعد طلوع الشمس.
(٢) حاصل جواب المصنف عن لغوية الإنشاء المشروط لعدم فائدة فيه : إنه ليس الإنشاء المذكور بلا فائدة ، بل له فائدتان : الفائدة الأولى : ما أشار إليه بقوله : «كفى فائدة له أنه يصير بعثا فعليا بعد حصول الشرط ...» إلخ.
وملخص الكلام في الفائدة الأولى هو : عدم الحاجة إلى إنشاء جديد بعد حصول الشرط ؛ بل يصير الطلب والبعث فعليا بعد حصول الشرط ؛ من دون حاجة إلى خطاب جديد ، بل لو لا الإنشاء قبل الشرط لما كان المولى متمكنا من الخطاب المطلق بعد حصول الشرط ؛ بأن كان هناك محذور يمنع من الخطاب المطلق بعد حصول الشرط ، فلو لم يتمكن المولى عن الإنشاء في زمان حصول الشرط ، أو كان له مانع عن إنشاء الطلب المطلق حين حصوله ؛ فيكتفي بالوجوب المشروط.
الفائدة الثانية : ما أشار إليه بقوله : «مع شمول الخطاب كذلك» أي : على نحو المشروط.