نعم ؛ لا يبعد دعوى : الظهور والانسباق من الإطلاق بمقدمات الحكمة الغير الجارية في المقام ؛ لما عرفت من عموم الملاك لجميع الأقسام ، وكذا ما وقع في البين من النقض والإبرام.
______________________________________________________
الوجوب والحرمة ، «وكذا ما وقع في البين من النقض والإبرام» لا يختص بقسم دون قسم.
وكيف كان ؛ فالمانع من انعقاد الإطلاق بمقدمات الحكمة أمران : الأول : عموم الملاك. والثاني : عموم النقض والإبرام الواقعين في كلام الأصوليين ، وهو يشمل جميع أقسامهما ، فهما قرينتان على خلاف الإطلاق.
وفي «منتهى الدراية» ج ٣ ، ص ٣٠ ـ في شرح قوله : «وكذا ما وقع في البين من النقض والإبرام» ـ ما هذا لفظه : «يعني : وكذا لا يخلو عن التعسف ما قيل : من عدم تصوير اجتماع الوجوب والتحريم التخييريين ، لأجل عدم جواز الحرام التخييري كما عن المعتزلة ؛ استنادا إلى استحالة الحرام التخييري ، حيث إن النهي عن شيئين تخييرا يرجع إلى النهي عن أحدهما ، وهو يقتضي حرمتهما معا ؛ لأن الإتيان بكل واحد منهما إيجاد لمفهوم أحدهما ، فيكون كلاهما حراما ، ومن المعلوم : استحالة تعلق النهي بواحد منهما فقط ، وتعلقه بكليهما في آن واحد».
وحاصل الكلام في الجواب ـ عما قيل من عدم تصوير اجتماع الوجوب والتحريم التخييريين ـ هو : أن ما قيل في وجه استحالة الحرام التخييري من : «استحالة تعلق النهي بواحد منهما فقط ، وتعلقه بكليهما في آن واحد» مردود ، لأن النهي عن شيئين تخييرا يرجع إلى النهي عن مفهوم أحدهما ، وهو ليس بمستحيل أصلا.
وكيف كان ؛ فهناك بحث عن جريان النزاع في الواجب والحرام التخييريين ، وقد ذكر المصنف مثالين لكلا القسمين ؛ لأن الحق عند المصنف هو جريان النزاع في كلا القسمين.
ومثال الوجوب التخييري : ما أشار إليه بقوله : «إذا أمر بالصلاة والصوم تخييرا بينهما» ؛ بأن يكون الواجب أحدهما تخييرا.
ومثال الحرام التخييري : ما أشار إليه بقوله : «وكذلك إذا نهي عن التصرف في الدار ، والمجالسة مع الأغيار» ؛ بأن يكون الحرام أحدهما تخييرا.
وحينئذ إذا صلى في الدار ، لزم اجتماع الواجب والحرام التخييريين في شيء واحد ؛ وهو التصرف في الدار بالصلاة ، فإن هذا التصرف باعتبار الصلاتية عدل للواجب التخييري ، وباعتبار الغصبية عدل للحرام التخييري ، فلا فرق بين هذا وبين اجتماع