ودعوى : الانصراف إلى النفسيين التعيينيين العينيين في مادتهما غير خالية عن الاعتساف. وإن سلم في صيغتهما ، مع إنه فيها (١) ممنوع.
______________________________________________________
والمتحصل : أنّنا لا نسلّم الانصراف في مادتي الأمر والنهي «وإن سلم في صيغتهما». أي : وإن سلّم الانصراف في صيغتي الأمر والنهي ؛ بأن يقال : إن صيغة «افعل» حيث يطلق ؛ فالظاهر : منه النفسي التعييني العيني ؛ كما تقدم في مباحث صيغة الأمر حيث قال المصنف «قدسسره» : «السادس : قضية إطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا عينيا تعيينيا» ، وكذا صيغة «لا تفعل».
(١) أي : مع أن الانصراف في الصيغة ممنوع أيضا ؛ إن أريد به التبادر الوضعي الذي يجدي في تقييد الإطلاقات ؛ لانتفاء التبادر الوضعي قطعا مع وجود القرينة العقلية على العموم. هذا تمام الكلام في الجواب عن الوجه الأول.
الوجه الثاني : هو الإطلاق ؛ بمعنى : أن مقتضى إطلاق لفظ الأمر والنهي هو الوجوب والحرمة النفسيين التعيينيين العينيين ، فهذا الإطلاق يدل على كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا ؛ لا غيريا ولا تخييريا ولا كفائيا ، وكذا جانب الحرمة. وقد أشار إليه المصنف بقوله : «نعم لا يبعد ...» إلخ.
فقوله : «نعم» استدراك على منع الانصراف المذكور في الوجه الأول.
وحاصله : أنه يمكن دعوى انصراف النفسية والتعيينية والعينية ، وانسباقها من الإطلاق بمقدمات الحكمة ؛ لا من التبادر الوضعي الذي منعناه في الجواب عن الانصراف. وتقريب : هذه الدعوى : أن غير النفسية والتعيينية والعينيّة يحتاج ثبوتا وإثباتا إلى مئونة زائدة ، فعدم بيان ذلك كاشف عن عدم إرادة غيرها ، كما عرفت في بحث الأوامر.
وحاصل جواب المصنف عن هذا الوجه الثاني : أن مقتضى الإطلاق بمقدمات الحكمة ، وإن كان ذلك ، إلّا إن مقدمات الحكمة لا تجري في المقام ؛ لأن جريان مقدمات الحكمة المنتجة لإرادة العينية والتعيينية والنفسية في المقام ؛ إنما يتم فيما لو لم تكن هناك قرينة عقلية ، إذ من مقدمات الحكمة هو : عدم البيان ، والقرينة العقلية ـ وهي : منافاة الوجوب والحرمة بأنحائهما ـ بيان لعدم الإطلاق ، لأن المضادة بين مطلق الوجوب والحرمة مانعة عن إرادة الإطلاق ؛ المقتضي لإرادة النفسية وأختيها في المقام.
والمتحصل : أن الإطلاق محتاج إلى مقدمات الحكمة الغير الجارية في المقام ؛ لأن من مقدمات الحكمة عدم القرينة على خلاف الإطلاق ، وفي المقام قرينة عقلية للعموم ؛ لما عرفت من : عموم الملاك لجميع الأقسام ، فإن ملاك هذا النزاع هو استحالة اجتماع المتضادين في واحد ذي وجهين ، أو جوازه ، وهذا لا يختص بقسم دون قسم من