بما هي بنفسها في الخارج ، فيطلبها كذلك لكي يجعلها بنفسها من الخارجيات والأعيان الثابتات ، لا بوجودها كما كان الأمر بالعكس على أصالة الوجود.
وكيف كان ؛ فيلحظ الآمر ما هو المقصود من الماهية الخارجية ، أو الوجود فيطلبه ، ويبعث نحوه ليصدر منه ، ويكون ما لم يكن ، فافهم وتأمل جيدا.
______________________________________________________
أما توصيف الماهية بالوجود في قولنا : «الماهية موجودة» فمن قبيل وصف الشيء باعتبار متعلقه ، لأن موجودية الماهية لا تكون بنفسها ، بل بالوجود ؛ كاتصاف جالس السفينة بالحركة مع قيامها بالسفينة حقيقة.
وأما المراد بأصالة الماهية : فهو أن الأصل في التحقق هو الماهية ؛ بمعنى : أن المجعول بالجعل البسيط أولا وبالذات هي الماهية ، والوجود مجعول بتبع جعلها ، فيكون قولنا : «الماهية موجودة» من الوصف باعتبار نفس الشيء لا المتعلق.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : بناء على أصالة الوجود واعتبارية الماهية ـ كما هو المنسوب إلى المحققين من المشائين ـ يكون الصادر حقيقة هو الوجود. فيصح تعلق الطلب به من دون إشكال فيه ؛ إذ المطلوب هو الطبيعة باعتبار وجودها.
وأما بناء على القول بأصالة الماهية ـ وأنها هي الصادرة حقيقة ، وأن الوجود أمر اعتباري ـ كما هو مذهب شيخ الإشراق وغيره ـ يكون المطلوب خارجية الطبيعة المتحققة بنفس جعلها التكويني.
فالطلب على القول بأصالة الوجود : يتعلق بإيجاد الطبيعة في الخارج. وعلى القول بأصالة الماهية : ملحوظة بخارجيتها لا بوجودها في ضمن الأفراد.
وعلى القول بأصالة الوجود : ملحوظة بوجودها في الخارج في ضمن فرد من أفرادها.
قوله : «فافهم وتأمل جيدا» إشارة إلى دقة المطلب ؛ لكونه ملحوقا بالأمر بالتأمل المقيد بالجودة ، فلا يكون إشارة إلى ضعفه.
ختام الكلام في بيان أمرين :
أحدهما : إنه قد يتوهم التنافي بين النزاع في تعلق الأوامر والنواهي بالطبائع أو الأفراد ، وبين ما ثبت في محله : من كون المصادر المجردة عن اللام والتنوين موضوعة للطبيعة اللابشرطية.
وجه المنافاة : أن التسالم على وضع تلك المصادر للطبيعة يستلزم كون متعلق الأوامر والنواهي نفس الطبائع ، حيث إن ذلك مقتضى وضع موادها ـ وهي المصادر ـ للطبائع ،