تحققه على تقدير عدم الإتيان به وعصيان أمره ، فيلزم اجتماعهما على هذا التقدير مع ما هما عليه من المطاردة (١) ، من جهة المضادة بين المتعلقين.
مع أنه (٢) يكفي الطرد من طرف الأمر بالأهم ، فإنه (٣) على هذا الحال يكون طاردا لطلب الضد ، كما كان في غير هذا الحال ، فلا يكون له (٤) معه أصلا بمجال.
إن قلت : (٥) فما الحيلة فيما وقع كذلك من طلب الضدين في العرفيات؟
______________________________________________________
(١) أي : المطاردة الموجبة لاستحالة الترتب.
(٢) غرضه : إثبات استحالة الترتب حتى بناء على الطرد من طرف واحد وهو طرف الأمر بالأهم ؛ بأن لا يكون أمر المهم طاردا لأمر الأهم.
توضيح ذلك : أنه لو سلمنا عدم المطاردة بين الطرفين ؛ بل من طرف أمر الأهم فقط فلنا أن نقول : باستحالة الترتب ؛ لأن أمر الأهم يطرد طلب المهم على كل حال ؛ سواء أتى بالأهم أم تركه ، إذ المفروض : كون أمره فعليا مطلقا من دون اشتراطه بشيء ، والطرد من طرف واحد كاف في استحالة طلب الضدين ؛ لعدم قدرة المكلف على امتثال الأمرين معا ، فاستحالة طلب الضدين ليست منوطة بالمطاردة من الطرفين ، حتى يقال : إن طلب المهم لا يطرد طلب الأهم ، فلا يحكم بالاستحالة لعدم المطاردة.
(٣) أي : الأمر بالأهم في حال عصيان أمره طارد لطلب الضد ، كما كان طاردا له في غير حال العصيان لكون الأمر بالأهم فعليا مطلقا ، والمراد بالحال في كلا الموردين هو : العصيان.
فالمتحصل : أن أمر الأهم طارد مع عرضية الطلبين وطوليّتهما.
(٤) أي : فلا يكون للأمر بالمهم مع الأمر بالأهم مجال أصلا ؛ لكفاية طرد الأهم فقط في الاستحالة من دون توقفها على طرد المهم للأهم أي : لا تتوقف الاستحالة على المطاردة ومعنى طرد الأهم : أنه يكون مانعا لحدوث الأمر بالمهم. ومن هنا ظهر : بطلان الإشكال على المصنف بأنه : لا يعقل أن يكون الطرد من طرف واحد.
(٥) هذا هو الوجه الرابع لتصحيح طلب الضدين بنحو الترتب من القائلين به ، فيقال في تقريب هذا الوجه : أن طلب الضدين بنحو الترتب قد وقع في العرف والشرع كقول المولى : لعبده : «اذهب إلى المكتب وإلّا فأكرم الضيوف» ، وأمر الشارع بالسفر للجهاد والدفاع عن الإسلام في رمضان ، وبالصوم على تقدير ترك السفر ، وهكذا.
ومن المعلوم : أن وقوع الترتب في العرف أدل دليل على إمكانه ، ومعه فلا سبيل إلى إنكار الترتب والالتزام باستحالته.