في كل منهما في الأول يطارد الآخر ، بخلافه في الثاني ، فإن الطلب بغير الأهم لا يطارد طلب الأهم ، فإنه يكون على تقدير عدم الإتيان بالأهم ، فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه ، وعدم عصيان أمره.
قلت : (١) ليت شعري! كيف لا يطارده الأمر بغير الأهم؟ وهل يكون طرده (٢) له إلّا من جهة فعليته ، ومضادة متعلقه للأهم؟ والمفروض : فعليته ، ومضادة متعلقه له.
وعدم (٣) إرادة غير الأهم ـ على تقدير الإتيان به ـ لا يوجب عدم طرده لطلبه مع
______________________________________________________
فالمتحصل من الجميع : أن الترتب ممكن ، وقياسه على اجتماع طلب الضدين على نحو العرضية قياس مع الفارق ، وقد عرفت الفرق ، فلا حاجة إلى التكرار والإعادة.
(١) هذا جواب عن الاستدلال بصحة الترتب بإبداء الفرق بين اجتماع الطلبين في عرض واحد ، وبين اجتماعهما بنحو الترتب. وحاصله : إثبات استحالة الترتب ، وعدم الفرق في الامتناع بين الاجتماع العرضي والترتبي.
توضيحه : أنّ المطاردة الناشئة من فعلية الطلب وتضاد المتعلقين ـ كالصلاة والإزالة ـ موجودة في الترتب كوجودها في اجتماع طلب الضدين عرضيا ، حيث إن أمر الأهم فعلي ، وأمر المهم ـ لعصيان أمر الأهم ـ أيضا صار فعليا ، فيجتمع الطلبان الفعليان بالضدين في آن واحد ، فكل منهما يطرد الآخر ، فأمر الأهم ينفي مطلوبية المهم ، وبالعكس ، فتحصل المطاردة من الطرفين في الترتب ، كحصولها منهما في اجتماع الطلبين عرضيا.
فالمتحصل : أن الترتب محال ؛ لوجود المطاردة فيه ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٤٧٧».
(٢) أي : ليس طرد المهم للأهم إلّا من جهة فعلية أمر المهم ، ومضادة متعلقه للأهم ، وهما توجبان المطاردة.
(٣) قوله : «وعدم إرادة غير الأهم ...» إلخ دفع لتوهم عدم لزوم المطاردة إذا أتى الشخص بالأهم ؛ ضرورة : أنه على تقدير الإتيان بالأهم لا يتعلق الطلب بالمهم حتى يكون طاردا لطلب الأهم ، فحينئذ لا تتحقق المطاردة من الطرفين حتى يستحيل الترتب.
وحاصل الدفع : أن مجرد عدم إرادة المهم في صورة الإتيان بالأهم لا يمنع عن طرد طلب المهم لطلب الأهم : مع فرض فعلية أمر المهم بعصيان أمر الأهم ، فتتحقق حينئذ المطاردة من الطرفين ؛ وهي موجبة لاستحالة الترتب.
وكيف كان ؛ فالإشكال على الترتب وارد على تقدير الإتيان بالمهم ، وعصيان الأهم.