المقدمات لو التفت إليها ؛ بحيث ربما يجعلها في قالب الطلب مثله ، ويقول مولويا : ادخل السوق واشتر اللحم مثلا ، بداهة : أن الطلب المنشأ بخطاب «ادخل» مثل المنشأ بخطاب «اشتر» في كونه بعثا مولويا ، وأنه حيث تعلقت إرادته بإيجاد عبده الاشتراء ترشحت منها له إرادة أخرى بدخول السوق بعد الالتفات إليه ، وأنه يكون مقدمة له كما لا يخفى.
ويؤيد الوجدان (١) ؛ بل يكون من أوضح البرهان : وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات والعرفيات ؛ لوضوح : إنه لا يكاد يتعلق بمقدمة أمر غيري إلّا إذا كان فيها (٢) مناطه ، وإذا كان فيها كان في مثلها ، فيصح تعلقه به أيضا (٣) ؛ لتحقق (٤)
______________________________________________________
(١) وهذا المؤيد نسب إلى سيد الأساطين الميرزا الشيرازي. وحاصله : أن وجود الأوامر الغيرية المتعلقة ببعض مقدمات الواجبات الشرعية ـ كالوضوء والغسل والطهارة الخبيثة وغيرها للصلاة ، والطواف مثلا ، وببعض مقدمات بعض الواجبات العرفيّة ؛ كالأمر بدخول السوق لاشتراء اللحم ـ أقوى شاهد على وجود الملازمة بين وجوب كل واجب نفسي ، ووجوب كل مقدمة من مقدماته ؛ وذلك لأن المناط في الوجوب الغيري ـ وهو التوصل إلى الواجب النفسي ـ موجود في كل مقدمة ، فلا بد من الحكم بوجوب جميع المقدمات ؛ لاتحاد حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز ، فيستكشف من وجود أوامر غيرية بالنسبة إلى جملة من المقدمات ؛ وجوب غيرها من المقدمات التي لم يرد فيها أمر غيري أيضا ؛ لتحقق ملاكه ومناطه.
(٢) أي : في المقدمة.
وحاصل الكلام : أنه لا يتعلق أمر غيري بمقدمة من المقدمات إلّا مع وجود مناط الأمر الغيري ـ وهو التوصل إلى ذي المقدمة ـ فيها ، فإذا كان مناط الأمر الغيري ثابتا في بعض المقدمات الشرعية أو العرفية ، التي تعلق بها الأمر الغيري ، كان ذلك المناط ثابتا في مثلها من المقدمات التي لم يتعلق بها أمر غيري شرعي أو عرفي ظاهرا ، وحيث ثبت فيها المناط كان ذلك كاشفا عن وجوبها ، وذلك لوحدة حكم الأمثال.
وخلاصة الكلام : أن علة الوجوب الغيري مشتركة بين جميع المقدمات ، فلا بد من الالتزام بوجوب جميعها غيريا ؛ بلا فرق بين ما تعلق به الأمر الغيري ، وما لم يتعلق به ذلك.
(٣) أي : فيصح تعلق الأمر الغيري بالمثل ، كما صح تعلق الأمر بالمقدمات الواقعة في حيّز الأمر الغيري.
(٤) تعليل لقوله : «فيصح تعلقه به» ، يعني : يصح تعلق الأمر الغيري بالمثل لتحقق ملاك الأمر الغيري ، الذي هو التوقف ، فيثبت عموم الحكم للجميع.