قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

دروس في الكفاية [ ج ٢ ]

210/446
*

إذا عرفت ما ذكرنا ، فقد تصدى غير واحد من الأفاضل لإقامة البرهان على الملازمة ، وما أتى منهم بواحد (١) خال عن الخلل ، والأولى إحالة ذلك إلى الوجدان ؛ حيث إنّه (٢) أقوى شاهد على أن الإنسان إذا أراد شيئا له مقدمات أراد تلك

______________________________________________________

جريان الأصل : في المقدمة حينئذ يستلزم التناقض ؛ حيث إن المفروض : وجوب المقدمة فعلا ، ومقتضى الأصل عدمه كذلك ، فحينئذ يجتمع الوجوب الفعلي وعدمه على المقدمة.

أما الأول : فللملازمة. وأما الثاني : فللأصل ، وليس هذا إلّا التناقض.

قوله : «نعم ؛ لو كانت الدعوى ...» إلخ استدراك على قوله : «لا ينافي الملازمة».

وحاصله : أنه تتحقق المنافاة بينهما إذا كان المدّعى الملازمة المطلقة حتى في مرتبة الفعلية ، فلا يصح حينئذ جريان الأصل في وجوب المقدمة ؛ حيث إن مقتضى الملازمة المطلقة ـ مع فرض وجوب ذي المقدمة ـ هو : العلم بوجوب المقدمة بطريق اللم ، فالشك البدوي في وجوبها يرتفع بالعلم بوجوب ذيها ، ومع هذا العلم الموجب للعلم بوجوب المقدمة لا مجال لجريان الأصل في عدم وجوبها. وقد أشار إليه بقوله : «لما صحّ التمسك بالأصل» ؛ لعدم الموضوع للأصل ، حيث إن موضوعه هو الشك ، والمفروض : انتفاؤه.

(١) أي : ما أتى منهم ببرهان واحد خال عن الخلل ، ولا داعي لإيراد تلك البراهين ؛ إذ ليس ذكرها إلّا التطويل بلا طائل.

(٢) أي : الوجدان أكبر قاض وأقوى شاهد على : أن الإنسان إذا أراد شيئا متوقفا على مقدمات أراد تلك المقدمات قهرا لو التفت إليها ، واحتج بمثل هذا صاحب التقريرات «رحمه‌الله» ، وقد عزاه في البدائع إلى جمع من الأعيان كالمحقق الدواني ، والمحقق الطوسي ، وسيد الحكماء المير محمد باقر الداماد ، وهو أقوى الأدلة التي استدل بها في المقام.

وحاصل هذا البرهان : أن الوجدان يحكم بالملازمة بين إرادة شيء ، وإرادة مقدماته ، لو التفت المريد إلى تلك المقدمات ؛ بل قد يأمر المولى عبده بها مولويا ؛ كما يأمر بنفس ذلك الشيء فيقول مولويا : «ادخل السوق واشتر اللحم» ، فالأمر بدخول السوق ـ الذي هو مقدمة ـ يكون مولويا كالأمر بذي المقدمة وهو شراء اللحم ، والتفاوت بينهما : أن الشراء ابتدائي والدخول تبعي ، وأنه حيث تعلقت إرادته بإيجاد عبده الاشتراء ؛ ترشحت من هذه الإرادة للمولى إرادة أخرى بدخول السوق ؛ بعد الالتفات إلى لزوم الدخول لكونه مقدمة للواجب.