ففيه : (١) إنه إنما كانت مطلوبيتها لأجل عدم التمكن من التوصل بدونها ؛ لا لأجل التوصل بها ، لما عرفت : من إنه (٢) ليس من آثارها ؛ بل مما يترتب عليها أحيانا بالاختيار بمقدمات أخرى ، وهي (٣) مبادئ اختياره ، ولا يكاد يكون مثل ذا (٤) غاية لمطلوبيتها وداعيا إلى إيجابها ، وصريح الوجدان (٥) إنما يقضي بأن ما أريد لأجل غاية ، وتجرد
______________________________________________________
المقدمة ، فلا تكون مطلوبية إن لم يترتب عليها ذو المقدمة.
(١) هذا جواب قوله : «وأما ما أفاده».
وحاصل هذا الجواب : أن الغرض من الأمر بالمقدمة هو : حصول التمكن من الواجب لا التوصل بها إلى ذيها كي يكون التوصل دخيلا في مطلوبيتها ؛ بحيث إذا انفكت عنه لم تكن مطلوبة أصلا ، وذلك لما عرفت : من إن التوصل بها ليس من آثار تمام المقدمات في المباشريات ـ فضلا عن واحدة منها ـ بل مما يترتب عليها أحيانا باختيار المكلف بمبادئه الخاصة.
وكيف كان ؛ فمرجع هذا الجواب إلى منع الصغرى وهي : كون مطلوبية المقدمة لأجل التوصل بها إلى ذيها ، بحيث يترتب عليها الواجب ترتب المعلول على علته ، كالمسببات التوليدية ، ضرورة : عدم التوصل الفعلي بالمقدمة إلى ذيها ، فمطلوبية المقدمة إنما هي لأجل : عدم التمكن من إيجاد الواجب بدونها كما عرفت غير مرة ؛ لا لأجل التوصل بها إليه فعلا ، لوضوح : عدم ترتب وجود ذي المقدمة على مجرد وجود المقدمة ، فالأثر المترتب على المقدمة الداعي إلى إيجابها هو التمكن من إيجاد ذيها ؛ لا ترتب الواجب عليها ، حتى يكون معروض الوجوب المقدمي خصوص المقدمة الموصلة ، فترتب الواجب على المقدمة ليس أثرا لها حتى يكون ذلك الأثر غاية داعية إلى تشريع وجوب خصوص المقدمة الموصلة ؛ بل الغاية إنما هو التمكن ، وهو حاصل بمجرد وجود المقدمة.
(٢) أي : التوصل ليس من آثار المقدمة ؛ بل التوصل مما يترتب على المقدمة أحيانا بواسطة الاختيار.
(٣) أي : والمقدمات الأخرى هي مبادئ الإرادة الموجودة في كل فعل اختياري.
(٤) أي : مثل هذا التوصل الفعلي المترتب على المقدمة اتفاقا بحسن اختيار المكلف ؛ لا يكون غاية لمطلوبية المقدمة ، وداعيا إلى إيجابها ؛ لما عرفت سابقا : من أن ما لا يكون أثرا لشيء لا يمكن أن يكون غاية له.
(٥) هذا ـ هو الجواب الثاني ـ يكون ناظرا إلى ردّ ما ادعاه صاحب الفصول بقوله : «وصريح الوجدان قاض بأن من يريد شيئا ...» إلخ.
وحاصل ردّ المصنف عليه : أن صريح الوجدان قاض بحصول المطلوب الغيري ، مع