فانقدح بذلك : فساد توهم اتصاف كل جزء من أجزاء الواجب بالوجوب النفسي والغيري ، باعتبارين ، فباعتبار كونه في ضمن الكل واجب نفسي ، وباعتبار كونه مما يتوسل به إلى الكل واجب غيري ، اللهم (١) إلّا إن يريد أن فيه (٢) ملاك الوجوبين ، وإن كان واجبا بوجوب واحد نفسي لسبقه فتأمل.
______________________________________________________
ضمن الكل واجب نفسي ، وباعتبار كونه مما يتوسل به إلى الكل ، ويتوقف عليه الكل واجب غيري.
وجه الفساد : أنه يلزم اجتماع المثلين ، وتعدد الاعتبار لا يوجب تعدد الموضوع ؛ لما عرفت : من أن عنوان المقدمية جهة تعليلية لا يمكن أن يكون مصبّا ومتعلقا للوجوب الغيري ، فلا بد أن يكون نفس الذات موردا للوجوب الغيري ، فيلزم اجتماع المثلين الذي هو مستحيل.
(١) هذا الكلام من المصنف توجيه للتوهم المزبور وحاصله : أن مراد المتوهم من اتصاف كل جزء من الأجزاء بالوجوب المقدمي هو اتصافه بملاك الوجوب المقدمي ، لا بنفس الوجوب المقدمي حتى يلزم اجتماع المثلين.
(٢) أي : أن في كل جزء من الأجزاء ملاك الوجوبين ؛ لا وجوبين فعليين ، «وإن كان واجبا بوجوب واحد» أي : وإن كان كل جزء فعلا «واجبا بوجوب واحد نفسي» ، من دون الوجوب الغيري ، وإنما يكون كل جزء واجبا بوجوب واحد نفسي لا بوجوب واحد غيري ؛ «لسبقه» أي : لسبق الوجوب النفسي على الغيري ؛ لتوقف الوجوب الغيري على الوجوب النفسي دون العكس ، وبعد ما كان الجزء واجبا نفسيا امتنع فيه الوجوب الغيري ؛ لاستحالة اجتماع المثلين كما عرفت غير مرة.
قوله : «فافهم» لعله إشارة إلى ما أفاده المصنف في الحاشية حيث قال عند قوله : «فافهم». وجهه : إنه لا يكون فيه أيضا ملاك الوجوب الغيري حيث لا وجود له غير وجوده في ضمن الكل الذي يتوقف على وجوده ، وبدونه لا وجه لكونه مقدمة كي يجب بوجوبه أصلا). انتهى مورد الحاجة.
فخلاصة وجه التأمل : هو عدم صحة التوجيه المزبور ؛ وذلك لمنع وجود ملاك الوجوب الغيري في الأجزاء أيضا ؛ ضرورة : توقف المقدمية على تعدد الوجود ؛ والمفروض : أن الأجزاء عين الكل وجودا ، وليست غيره حتى تتصف بالمقدمية ، فالمتحصل من جميع ما ذكرناه : أن الالتزام بالمقدمة الداخلية مما لا وجه له.