وإلى ذلك أشار المحقق صاحب الكفاية (قده) بما حاصله هو انه لا فرق بين الأمر والنهي في الدلالة الوضعيّة ، فكما ان صيغة الأمر تدل وضعاً على طلب إيجاد الطبيعة من دون دلالة لها على الدوام والتكرار ، فكذلك صيغة النهي تدل وضعاً على طلب ترك الطبيعة بلا دلالة لها على الدوام والاستمرار. نعم تختلف قضيتهما عقلا ولو مع وحدة المتعلق بان تكون طبيعة واحدة متعلقة للأمر مرة وللنهي مرة أخرى ، ضرورة ان وجودها بوجود فرد واحد من افرادها ، وعدمها لا يمكن إلا بعدم الجميع.
ومن هنا قال (قده) : ان الدوام والاستمرار انما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة واحدة غير مقيدة بزمان أو حال ، فانه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومة إلا بعدم جميع افرادها الدفعيّة والتدريجية. وبالجملة قضية النهي ليس إلا ترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له كانت مقيدة أو مطلقة وقضية تركها عقلا انما هو ترك جميع افرادها.
أقول : ان كلامه (قده) هذا صريح فيما ذكرناه من ان النهي لا يدل وضعاً إلا على ترك الطبيعة سواء أكانت مطلقة أم مقيدة. نعم لو كانت الطبيعة مقيدة بزمان خاص أو حال مخصوص لم يعقل فيها الدوام والاستمرار ، وكيف كان فالنهي لا يدل إلا على ذلك ، ولكن العقل يحكم بان ترك الطبيعة في الخارج لا يمكن إلا بترك جميع افرادها العرضية والطولية.
وقد تحصل مما ذكرناه ان النقطة الرئيسية لنظريتهم امران :
الأول ـ ان النهي يشترك مع الأمر في الدلالة على الطلب ، فكما ان الأمر يدل عليه بهيئته ، فكذلك النهي. نعم يمتاز النهي عن الأمر في ان متعلق الطلب في النهي صرف ترك الطبيعة ، وفي الأمر صرف وجودها.
الثاني ـ ان قضية النهي عقلا من ناحية متعلقه تختلف عن قضية الأمر