لأنّ جوهر المولوية ودائرتها سعة وضيقاً يدور مدار حق الطاعة.
وهنا لا بد من أن يعلم أنّ البحث في أصل المولوية وهل هي ثابتة أم لا ، هو من وظائف علم الكلام ، وإنّما البحث الأصولي ينحصر في بيان سعة دائرة حق المولوية وضيقها بعد الفراغ عن ثبوتها لله سبحانه وتعالى ، ومن هنا يتضح أن قاعدة قبح العقاب بلا بيان ترتبط صحّةً وفساداً بسعة تلك الدائرة وضيقها. فإذا قيل بأنّ دائرة حق الطاعة وسيعة فلا أساس لقاعدة البراءة العقلية ، وإلّا فلا مناص من الالتزام بها ، ولكن لا بمعنى قبح العقاب بلا بيان ، بل بمعنى قبح العقاب بلا مولوية ، فالبيان نبدّله بالمولوية ، فمثلاً لو فرضنا أنّ حقّ الطاعة للمولى لا يقتضي إلّا إطاعة تكاليفه القطعية والظنّية ، وأمّا تكاليفه المشكوكة والموهومة فليس من حقه أن نطيعه فيها ، فيقبح على المولى المعاقبة فيهما لا من باب أنه بلا بيان بل من باب أنه عقاب بلا وجود حق الطاعة له. وعليه فقاعدة" قبح العقاب بلا بيان" ليست صياغة فنية للفكرة ، بل يكون البحث في القاعدة قبل الانتهاء من تحديد حدود مولوية المولى لغواً في نفسه وخلاف الترتيب المنطقي فيها.
وحينئذٍ لا بدّ من أن يقع الكلام في أنّ المولى هل له حقّ الطاعة في التكاليف المعلومة فقط ، أو يشمل ذلك حتى التكاليف المحتملة أيضاً ، هذان كلاهما معقول في نفسه ، إذ يمكن أن يفرض أن المولى له حق الطاعة في خصوص تكاليفه المعلومة ، ويمكن أن يفرض أيضاً في مطلق تكاليفه ما لم يقطع بالعدم ، ويمكن أن تفرض مرتبة متوسطة بين هذا العموم وذاك الخصوص. هذا كلّه معقول في المقام وهو تابع لتشخيص حدود المولوية وحق طاعته على العباد.
وبناءً على هذا التحليل يتّضح أنّ المشهور من المحقّقين ، الذين بنوا على