أمّا الأوّل فالوجه في تقدّمه عليه ظاهر ، لعدم وجود المعارضة بين الحاكم والمحكوم ، لأن كل دليل مثبت للحكم على تقدير وجود موضوعه ، لا يكون ناظراً إلى تحقّق موضوعه خارجاً. فإذا فرض دليل كان مدلوله نفي موضوع الآخر ، لم يكن بينهما تناف وتعارض أبداً. وإن شئت قلت : إنّ الحكم في الدليل الأوّل مجعول على نحو القضية الشرطية من دون تعرّض لتحقّق الشرط وعدمه. والثابت بالدليل الثاني انتفاء الشرط ، فينتفي الحكم بانتفاء شرطه ، فلا تنافي بينهما ، بل مقتضى الجمع اختصاص الدليل الأوّل بغير موارد الثاني. فمثلاً : لا يكون دليل حرمة الربا ناظراً إلى مورد تحقّق الربا وعدم تحقّقه ، لأن القضية الشرطية لا تتعرّض لبيان تحقّق شرطها وعدم تحقّقه ، لذا تكون صادقة حتّى مع كذب طرفيها ، ومن ثم لو ورد : «لا ربا بين الوالد وولده» فهو ينفي ما لا يثبته الأوّل ، فيتقدّم عليه لا محالة.
هنا يقول الميرزا (قدِّس سرّه) : إنّ هذه هي نكتة الجمع بين الأمر بالمهم والأمر بالأهمّ في باب الترتّب مع تضادهما ، لكون امتثال الأمر بالأهم يفني موضوع الأمر بالمهم ، لأن الأمر بالمهم متوقّف على تحقّق موضوعه وهو القدرة ، وبامتثال الأمر بالأهم يخرج المكلّف عن كونه قادراً. وبتعبير آخر : إن الأمر بالمهم معلّق على شيء ، والأمر بالأهم يفني المعلق عليه.
أما إذا كان النظر إلى عقد الحمل ، فالوجه في تقدّمه عليه ، هو الوجه في تقدّم كل دليل على الأصول اللفظية والعملية.
توضيحه : أن ثبوت الأحكام في موارد كونها حرجية مثلاً ، إنما هو بالإطلاق أو العموم ، وكلّ منهما أخذ في موضوعه الشك في المراد ، فإذا ثبت بالدليل أن الحكم الحرجي غير مجعول في الشريعة ، فيكون رافعاً للشك في