ثمّ إنّ النظر إلى الدليل الآخر ، قد يكون مدلولاً مطابقياً للدليل الحاكم ، كما في قوله (عليهالسلام) حينما سأله عن قوله «الفقيه لا يعيد الصلاة» قال : «إنّما ذلك في الثلاث والأربع» (١). وهذا القسم نادر جدّاً في الروايات. وقد يكون مدلولاً التزامياً له ، فهنا تارة يفرض أنه ناظر إلى عقد الوضع لذلك الحكم ، وأخرى لعقد الحمل له.
والأوّل وهو الناظر إلى عقد الوضع ، تارة يكون مضيّقاً كما في قوله : «لا ربا بين الوالد وولده» (٢) فإنّه يضيق موضوع قوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(٣). وأخرى يكون موسّعاً كقوله : «الطواف في البيت صلاة» (٤) فإنه يكون موسِّعاً لقوله : «لا صلاة إلّا بطهور» (٥).
والثاني وهو الناظر إلى عقد الحمل ، فإنّه يكون النظر ابتداءً إلى الحكم ، من قبيل قوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)(٦) فإنّه ابتداءً ناظرٌ إلى مرحلة الجعل وعالم الحكم لا عالم الموضوعات الكلية التي أنصبت عليها تلك الأحكام. والحاكم يتقدّم على المحكوم سواء كان نظره إلى عقد الوضع أو الحمل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ٨ ، ص ١٨٨ ، أبواب الخلل في الصلاة ، الباب الأوّل ، الحديث ٥.
(٢) المصدر السابق ، ج ١٨ ، ص ١٣٥ ، أبواب الربا ، الباب السابع ، الحديث ١.
(٣) البقرة : ٢٧٥.
(٤) السنن الكبرى للبيهقي ، ج ٥ ، ص ٨٧ نقلاً عن : دراسات في علم الأصول ، ج ٣ ، ص ٥١٥.
(٥) وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٣٦٨ ، أبواب الوضوء ، الباب الثاني ، الحديث ٣.
(٦) المائدة : ٦.