وخلاصة ما أُفيد بالجمع بين كلمات هؤلاء الأعلام :
أن ضابط الفرق بين التخصيص والحكومة ، هو أنه إذا صدر من المولى خطابان متنافيان ، بحيث يلزم رفع اليد عن ظهور أحدهما ، فإنّه تارة لا يكون لأحدهما نظر إلى الآخر ، هنا يحكم العقل بأن المولى لم يرد ما هو الظاهر منهما معاً ، فيقدّم ما هو الأقوى ظهوراً على الآخر ، وبما أن الخاص هو الأظهر ، فيتحفّظ على ظهوره ويرفع اليد عن ظهور العام. وهذا معناه أن بيانية الخاص ليس بظهور لفظي في كونه مفسِّراً ومبيِّناً للعام ، وإنّما ذلك بلحاظ حكم العقل بلابدية أن ينزّل أحد البيانين على الآخر ، لاستحالة صدور المتضادين من الشارع.
وأخرى يكون لأحدهما نظرٌ إلى الآخر ، بحيث لو لم يكن الآخر مجعولاً أصلاً ، كان جعل هذا لغواً ، فهو حاكم على الدليل الآخر. وبتعبير آخر : يكون الدليل الحاكم بظهوره اللفظي مبيّناً وشارحاً للدليل المحكوم ، من دون أن نتقيّد ونقتصر على خصوص الكلمات الإفرادية ، بل أيّ ظهور لفظي للدليل الحاكم يكون مقيّداً للنظر ، فإنّه يحقّق الحكومة.
__________________
منية الطالب : ج ٢ ص ٢١٣ ص ٢١٥.
وقد ارتضى السيّد الخوئي (قدِّس سرّه) هذه النظرية بكاملها في الدراسات ، إلّا في نقطة واحدة حيث قال : «وبذلك ظهر أن الميزان في الحكومة ، كون أحد الدليلين ناظراً إلى الدليل الآخر ومتأخّراً عنه رتبة ، سواء في ذلك تأخّره عنه زماناً وعدمه ، ولا وجه لما أفاده المحقّق النائيني (قدِّس سرّه) من اعتبار التأخّر زماناً في الدليل الحاكم كما هو ظاهره.
(دراسات في علم الأصول ، ج ٣ ص ٥١٦).