__________________
وبالجملة لو لم يرد حكم من الشارع لا عموماً ولا خصوصاً ، فلا مجال لورود قوله (صلىاللهعليهوآله) «لا حرج في الدين» و «لا ضرر في الإسلام» وهذا بخلاف مثل «لا تكرم زيداً» فإنه غير متفرّع على ورود «أكرم العلماء».
ثمّ إنّ الحكومة على أقسام ، منها : ما يتعرّض لموضوع الحكم ، كما لو قيل : بأن «زيداً ليس بعالم» بعد قوله «أكرم العلماء». ومنها : ما يتعرّض لمتعلّق الحكم الثابت في المحكوم ، كما لو قيل : إنّ الإكرام ليس بالضيافة. ومنها : ما يتعرّض لنفس الحكم كما لو قيل : بأن وجوب الإكرام ليس في مورد زيد.
ثمّ إنّ الحكومة كما توجب التضييق فقد توجب التوسعة أيضاً ، كما إذا أدخل دليل الحاكم فرداً خارجياً في موضوع المحكوم أو متعلّقه أو في حكمه. ثم إنّ جهة تقديم الحاكم وعدم ملاحظة مرجّحات الدلالة والسند واضحة ، أمّا الدلالة فلأن المحكوم إنّما هو حكم على تقدير ، والحاكم هادم لذلك التقدير ، أي ثبوت وجوب إكرام كل عالم مثلاً موقوف على فرض وجود موضوعه خارجاً ، وعلى فرض التحقّق والصدق لمتعلّقه تصوراً ، وعلى بقاء أصل الحكم واستمراره مطلقاً. فإذا دلّ دليل على إبطال هذا الفرض وإخراج موضوع عن موضوع المحكوم مثلاً ، فلا تعارض بينهما لأن الحكم على تقدير ، ولا يعقل أن يحفظ تقديره ، وهذا هو المناط في صحّة الترتّب وتقديم الأمارات على الأصول كما أوضحناه في محلّه.
ثمّ إنّ أظهر أفراد الحكومة هو التعرّض لأصل الحكم ، لأنّ هدم الموضوع أو المتعلّق يرجع بالواسطة إلى التعرّض للحكم ، وعلى هذا فلا فرق بين أن يكون المراد من «لا ضرر» ما اختاره شيخنا الأنصاري ، وأن يكون المراد منه ما اختاره المحقّق الخراساني ، أي سواء قيل : بأن الحكم الضرري غير مجعول ، أو قيل : بأن الموضوع الضرري له حكم له ، إذ كلاهما على أدلّة الأحكام ، غاية الفرق أن أدلّة «لا ضرر» على مختار الشيخ شارحة لأصل الحكم ، وعلى مختاره شارحة لموضوعات الأحكام».