وعلى هذا لا يكون المورد من صغريات جريان البراءة ، لأن هذا العلم الإجمالي يكون منجزاً ، فيجب الاحتياط بالعمل بكلا الجانبين. لكن لما لم يكن وجوب الاحتياط ثابتاً بدليل من الأدلّة الشرعية ، وإنّما هو بحكم العقل ، فيمكن رفع هذا الوجوب بالقاعدة بلحاظ أحد طرفيه وهو الوضوء الضرري ، مع بقاء وجوب الاحتياط بلحاظ الطرف الآخر وهو التيمّم على حاله ، لحرمة المخالفة القطعية من دون لزوم ضرر منه.
اذن فنحن لا نحتاج في مقام تنجيز وجوب التيمّم أو الصلاة من جلوس إلى أكثر من قواعد العلم الإجمالي ، حيث نحصل من خلالها على نفس النتيجة المطلوبة من جريان القاعدة.
التقريب الخامس : ما أشار إليه الشيخ الأنصاري وتبعه المحقّق الخراساني من أن وقوع القاعدة في مقام الامتنان يكفي في تقديمها على العمومات (١) إلّا أن هذا القدر من البيان في غاية الإجمال والغموض ، إلّا أن يقصد منه أحد وجهين :
الأوّل : أن لسان الامتنان يأبى عن التخصيص والتقييد ، فيكون هذا بنفسه قرينة موجبة لقوّة الظهور العرفي في القاعدة ، فتقدّم على إطلاقات الأدلّة الأوّلية بملاك الأظهرية كما تقدّم.
__________________
(١) حاشية كتاب فرائد الأصول ، ص ١٦٩.