مناط ذلك هو الإرفاق والامتنان ، وهو يقتضي أن يقيد كلّ منهما بأن لا يستلزم التصرّف المتلف في مال الآخر ، لأنه لو استلزم لكان على خلاف الإرفاق بالنسبة إليه ، وبعد ذلك لا يفرق بين أن يكون قد جعل للآخر سلطنة في الرتبة السابقة أم لا. وهذا معناه أن نكتة الإرفاقية التي هي ملاك الإرفاق ، تقتضي دائماً تعيّن الصيغة الأولى. وعليه فلا يبقى فرق ما بين هاتين السلطنتين من هذه الناحية. نعم ما ذكر في الصيغة الثانية من التقييد ، وهو عدم المزاحمة مع سلطنة الغير ، ليس هو من باب الإرفاق وإنما هو تقييد عقلي بملاك استحالة اجتماع سلطنتين متنافيتين.
وفي الختام لا بدّ أن يعلم أن ما ذكر في هذا الوجه كان قائماً على فرض أن تكون قاعدة السلطنة ثابتة بدليل لفظي ، ليمكن التمسّك بإطلاقه ، وليس الأمر كذلك ، وإنما ثبتت هذه القاعدة بدليل لبّي من إجماع أو سيرة ، وبعض الروايات الخاصة التي يمكن أن يتصيّد منها هذا المعنى ولا إطلاق لها. وعلى هذا
الأساس فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن منها (١).
__________________
(١) استدل لإثبات هذه القاعدة بالروايات والإجماع والسيرة العقلائية.
أما الروايات فبعضها صرّحت بهذه القاعدة كالرواية المعروفة والمشهورة في ألسن الفقهاء ، المرسلة عن النبي (صلىاللهعليهوآله) أنّه قال : «الناس مسلّطون على أموالهم» بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ٢٧٢ (الطبعة الحديثة). وهذه الرواية وإن كانت مرسلة ، إلّا أنها مجبورة بعمل الأصحاب قديماً وحديثاً. قال المحقّق السيّد الطباطبائي في الرياض في المسألة الثانية من كتاب إحياء الموات : «فإنّ حديث نفي الضرر المستفيض معارض بمثله من الحديث الدال على ثبوت السلطنة على الإطلاق لربّ الأموال ، وهو أيضاً معمول به بين الفريقين» رياض المسائل في بيان الأحكام