صاحب الزرع على الأشغال لو وجدت ، وأن عدمها مؤثر ، فإن هذا غير معقول في نفسه ، لما بيّناه في الأمر الثاني من أن السلطنة على التخليص في طول السلطنة على الأشغال نفياً وإثباتاً. ومن الواضح استحالة أن يكون المتأخّر رتبة مانعاً عن فعلية المتقدّم رتبة ، بنحو يكون عدمه مؤثّراً في فعلية المتقدّم. إذن فالسلطنة على الأشغال لا يمكن أن تتقيّد بعدم السلطنة على التخليص. من هنا تتعيّن الصيغة الأولى من التقييد ، وهو أن تكون سلطنة صاحب الزرع على إبقاء زرعه مقيّدة بأن لا يلزم منها تصرّف متلف في مال الغير ، بقطع النظر عن أن يكون لذلك الغير سلطنة على ماله أم لا.
وبذلك يتضح أن سنخ التقيد مختلف في هاتين السلطنتين وليسا هما على نحو واحد. ولما كان القيد المأخوذ في سلطنة الأشغال ثابتاً تكويناً ووجداناً ، لأن إبقاء الزرع في الأرض يلزم منه التصرّف في مال الغير أي منفعة الأرض ، سواء كان الغير مسلّطاً على ماله أم لا ، فسوف تنتفي سلطنة الأشغال جزماً ، وبانتفائها يتحقق موضوع سلطنة صاحب الأرض وتكون فعلية ، لأنها كانت مقيّدة بعدم سلطنة صاحب الزرع على إبقاء زرعه ، والمفروض عدم فعلية تلك السلطنة لعدم ارتفاع مانعها.
هذا تمام مرام المحقّق العراقي (قدسسره) في المقام.
ويرد على هذا الوجه وإن كان بظاهره فنيّاً :
أولاً : أن الأمر الأوّل من الأمور الثلاثة التي ذكرها غير تام ، لأن التخليص ليس متأخّراً عن الأشغال رتبةً ، كتأخّر الدفاع عن الهجوم ، بل مرجعهما إلى شيء واحد ، نسبته إلى المستأجر إشغال وإلى صاحب الأرض تخليص ؛ وذلك لأن منفعة الأرض التي يستغلّها صاحب الزرع لزرعه ، إن