تجري لمنع ردّ العين إلى مالكها ، لأنه خلاف الإرفاق والامتنان على المالك ، وإن كان في صالح المستأجر.
إلّا أن هذا البيان قد تقدّم الإشكال فيه ، حيث قلنا : ليس مقتضى امتنانية القاعدة أن لا يلزم منها ضرر على شخص آخر ، بل يكفي أن يكون امتناناً وإرفاقاً في حق من يجري في حقّه ، نعم لا بدّ أن لا تجري في حق الآخر أيضاً ، وإلّا لزم تعارض الضررين.
ثمّ إن المحقّق العراقي بعد أن منع جريان القاعدة ، قال : لا بدّ من الرجوع إلى القواعد الأوّلية ، وهي هنا سلطنة المالك على ماله بمقتضى القاعدة المشهورة في ألسن الفقهاء «الناس مسلّطون على أموالهم». ولما كانت هذه القاعدة جارية بلحاظ كل من المالك والمستأجر لما يمتلكه فيقع التعارض بين السلطنتين ، إلّا أنه يقدم حق المالك في أرضه على حق المستأجر في إبقاء زرعه ، لامتنانية هذه القاعدة أيضاً ، فلا تشمل ما يكون مؤدّياً إلى التصرّف في مال الغير وإتلافه ؛ لأن كل إنسان مسلّط على التصرّف في ماله بالنحو الذي لا يؤدّي إلى إتلاف مال الغير. ومن الواضح أن سلطنة الزارع بإبقاء الزرع في الأرض ، تصرّف يؤدّي إلى إتلاف مال الغير وهي منفعة الأرض ، بخلاف سلطنة المالك في أرضه بإخراج الزرع منه ، فلا تؤدّي إلى إتلاف مال الغير وهو صاحب الزرع ، لأن هذا التصرّف ليس هو السبب في تلف مال الغير ، وإنما هو مسبّب عن تصرّف الغير في ماله.
لعلّ وضوح عدم صحّة ما ذكره للتفرقة بين الموردين ، إذ لم يرد في لسان الدليل أنه يشترط في السلطنة أن لا يكون متعلّقها علّة للتصرّف في مال الغير ، حتى يفرّق بين ما يكون علّة أو معلولاً. وإنما مناط هذا القيد هو