الغسل شرعاً. في مثل ذلك يكون جريان القاعدة مطابقاً للامتنان مطلقاً ، وذلك لأنه لا يلزم من جريانها نفي وقوع غرضه أو وصوله إليه ، بل شمول الحديث لنفي هذا الحكم الضرري يؤدّي إلى التفكيك ما بين العلّة والمعلول ، فيمنع من وقوع الضرر خارجاً. وهذا هو غاية الامتنان على المكلف ، حيث يمكنه التوصل إلى غرضه من دون أن يبتلي بمحذور الضرر الذي كان يترتّب على ذلك لولا القاعدة. ولا فرق هنا بين أن يكون غرضه عقلائياً أو سفهياً.
وبهذا ظهر الضابط العام في تطبيق القاعدة في موارد الإقدام على الضرر ، حيث تبيّن أن الإقدام مطلقاً ليس مانعاً من الشمول ، وإنما الإقدام الذي يكون على خلاف الامتنان المسوق له الحديث النبوي.
وممّا تقدّم يمكن الوقوف على سائر الفروع المشابهة للمقام ، كالفرع المعروف الذي وقع فيه الكلام بين الأعلام ، وهو ما إذا استعار أو استأجر شخص أداة من أحد وجعلها في بناء بيته ، أو استأجر أرضاً فزرعها ثم طالب صاحبها بردّها ، فهل يمكن نفي وجوب الردّ في المقام بإجراء «لا ضرر» بدعوى أن القاعدة تنفي الحكم الضرري ، ووجوب الرد مستلزم لخراب بيته أو تلف زرعه وهو ضرري عليه؟ بعد الفراغ والتسالم الفقهي على أن هذا الشخص لو كان غاصباً لوجب عليه الرد مهما كلّفه الأمر ، للإجماع القائم بين فقهاء الطائفة ، بل إجماع علماء المسلمين باستثناء ما ينسب إلى بعضهم. ولذا لا ينبغي إدخال الغاصب في محل النزاع. وسيتّضح من خلال البحوث اللاحقة أن الملاكات الفنية تقتضي إخراج الغاصب أيضاً. بل هناك صور أخرى في غير الغاصب يجب إخراجها عن محلّ الكلام أيضاً وهي كالآتي :
إذا فرضنا أن المستأجر اشترط على المؤجر ضمن العقد أن يبقى زرعه