امتناع وقوع الضرر خارجاً لا تكويناً ولا تشريعاً ، لأن غاية ما تفيده رفع وجوب الغسل ، فلا يكون جريانها على خلاف الامتنان.
على هذا الأساس فليس الضابط في عدم جريان القاعدة هو النظر إلى الإقدام بما هو ، بل لا بد أن نقف عند ملاك مانعية الإقدام ، وأنه هل يتنافى مع مساق الامتنان في الحديث النبوي أم لا؟ فإن كان جريانها مفوّتاً لغرض عقلائي للمكلف كما في المورد الأول ، فلا مجال للشمول ، وإن لم يكن كذلك فلا محذور في الالتزام بإطلاق حديث «لا ضرر».
فتحصّل إلى هنا أن الغرض إذا كان في نفس الأمر الضرري ، فتارة يكون الغرض عقلائياً وأخرى لا يكون. فإن كان الثاني فلا مانع من شمول القاعدة. والأول إما أن يكون شمول «لا ضرر» موجباً لامتناع الضرر تكويناً أو تشريعاً ، فلا تجري القاعدة. أما إذا لم يؤد إلى ذلك ، بل غايته أنه يلزم منه نفي الوجوب من ناحية المولى ، فتجري القاعدة بلا مانع.
النحو الثاني : أن يكون الغرض متعلّقاً بمعلول الضرر ، فيقع التزاحم بين غرضه المتعلّق بالمعلول وبين الضرر ، بحيث ينتفي المعلول بنفي الحكم الضرري ، فهنا يجري فيه ما تقدّم في النحو الأول بلا فرق.
النحو الثالث : إذا تعلّق الغرض بعلّة الضرر ، والمكلّف مع التفاته إلى الضرر المعلول لهذا الغرض ، أقدم عليه ، ولكن ليس إقدامه على الضرر اختيارياً له ، بل لأنه لا يمكنه التفكيك ما بين العلّة والمعلول ، لأن المفروض أن الضرر مترتّب قهراً على ما هو مصبّ غرضه ، كمن يقدم على الإجناب عمداً مع علمه بوجوب الغسل الضرري عليه لمرضه مثلاً ، فإن غرض المكلف ليس هو الإقدام على الغسل ، بل هو مقدم على الإجناب الذي هو علّة قهرية لوجوب