وقد يفرض أن للمكلف غرضاً عقلائياً في الإقدام على الضرر ، ولكن لا يلزم من جريان القاعدة الامتناع التكويني أو التشريعي للضرر ، بل يؤدي إلى رفع الوجوب والإلزام الشرعي ، كما لو كان للمريض الذي يضرّه استعمال الماء ، غرض في أن يغتسل أو يتوضّأ بالماء ، فإن جريان «لا ضرر» لا يثبت به أكثر من نفي وجوب الغسل أو الوضوء فقط. ولازم ذلك أن شمول القاعدة لا يغلق على المكلف باب الوصول إلى غرضه باستعمال الماء ، في مثل ذلك لا مانع من جريان القاعدة ؛ لأن المريض وإن كان مقدماً على الضرر ، إلّا أن من الامتنان عليه أن يقول له المولى : لا ألزمك بالغسل بالماء ، لشفقته عليه ، فمثل هذا الخطاب يعدّ امتنانياً بحسب النظر العرفي.
وبما ذكر يندفع التهافت في كلمات الفقهاء ، حيث فرّقوا بين من أقدم على الجنابة ملتفتاً إلى ضررية الغسل ، فأفتوا بعدم وجوب الغسل ، لأن الإقدام على الجنابة ليس من مصاديق الإقدام على الضرر ، ولكنهم لم يقبلوا ذلك فيمن أقدم على المعاملة الغبنية عالماً بها.
وكذلك يندفع تهافت آخر بين مسألة الإقدام على الغبن والإقدام على الغسل أو الوضوء الضرري لغرض عقلائي ، حيث ذكروا أن القاعدة تجري في حقّه.
وقد أجاب النائيني (قدسسره) عن التهافت في المورد الثاني : أن إرادة المكلف للغسل لما كانت متأخرة عن الوجوب ، فهي في مرتبة الامتثال مقهورة للحكم الشرعي ، فيكون وجودها كالعدم ، بخلاف إرادة من أقدم على المعاملة الغبنية ، فإنه لم يحكم عليه بوجوب إيقاع هذه المعاملة ، فلا تكون إرادة مقهورة للحكم الشرعي. وقد بيّنا مراراً أنه متى ما كانت الإرادة تحت الوجوب ، فلا تنفع في مقام رفع القاعدة ، والإرادة في الغسل هي تحت