فلا مجال لجريان القاعدة لنفي وجوب الغسل الضرري ، كما هو في مسألة الغبن.
هذا تمام الكلام في الصغرى.
أما البحث الكبروي : وهو أن مثل هذا الإقدام الذي ثبت في البحث السابق ، هل يمنع عن جريان القاعدة ، بدعوى أن كل إقدام فهو مانع ، أم بعض أنحاء الإقدام يكون مانعاً ، وليس منه الإقدام في مسألة الغسل؟
في الابتداء لا بدّ أن يعلم أن عنوان عدم الإقدام لم يؤخذ في حديث «لا ضرر» حتى يقع البحث في مفاده سعةً وضيقاً ، وإنما مدرك مانعية الإقدام قائمة على أساس أن جريان القاعدة في موارد الإقدام ليس فيه امتنان ، مع ظهور الخطاب النبوي في أنه مسوق مساق الامتنان. فهذا الظهور السياقي يوجب
تضييق دائرة الخطاب. والملاك في عدم مطابقة الامتنان للإقدام ، هو إذا لزم من الجريان منع المكلّف من الوصول إلى غرضه ، لأنه لا يكون عندئذ نفي الضرر منّة عليه ولو بحسب النظر العرفي.
إذا اتضحت نكتة مانعية الإقدام نقول : إن للإقدام ثلاثة أنحاء :
النحو الأوّل : أن يتعلّق الإقدام بنفس الأمر الضرري ، كما لو فرض أن المكلف له غرض في إيجاد نفس الضرر. فهنا تارة يكون الغرض سفهياً غير عقلائي ، وأخرى يكون عقلائياً. فإن كان الأوّل ، ففي مثل ذلك لا بأس بجريان القاعدة ، وإن أدّى إلى منع هذا الإنسان من الوصول إلى غرضه ، لأنه لا ينافي الامتنان المأخوذ في القاعدة ؛ وذلك لأن الامتنان على السفيه ليس بلحاظ ما يشخّصه من الأغراض ، وإنما هو بلحاظ النظر العرفي العام. وإن شئت قلت : إن مناط امتنانية الخطاب وإن لم يكن بلحاظ ما فيه المصلحة