توضيحه : كما أن الإقدام على الجنابة ، لكي يكون إقداماً على الضرر ، متوقّف على ترتّب وجوب الغسل على هذه الجنابة ، وهو يتوقّف على عدم جريان «لا ضرر» المتوقّف على صدق الإقدام ، إذ لو لم يصدق ذلك لجرت القاعدة لا محالة ؛ كذلك يمكن أن يقال : إن صدق عدم الإقدام على الجنابة يتوقّف على عدم وجوب الغسل ، وعدم وجوب الغسل فرع جريان «لا ضرر» وجريانه متوقّف على عدم الإقدام على الضرر ، فيكون دوريا.
بتعبير آخر : عدم الإقدام على الضرر متوقّف على حكومة «لا ضرر» على إطلاقات الأدلّة الأوّلية ، وحكومة «لا ضرر» على تلك الإطلاقات يتوقّف على عدم صدق الإقدام ، لأنه أخذ في موضوع القاعدة عدم الإقدام.
والحاصل : كما أن الإقدام يكون دوريا ، كذلك عدم الإقدام ، لكن بنحو التعاكس ، فلو مشينا على مثل هذا النهج في التفكير ، لانتهينا إلى محذور آخر هو ارتفاع النقيضين ، وهذا معناه أن هناك خطأً أساسياً في هذا النحو من البيان.
النقطة الثانية : الكشف عن المغالطة التي تتكرّر في جملة من كلمات الأعلام في موضوع الدور.
بيانها : حينما يفرض كون «أ» متوقّفاً على «ب» وكون «ب» متوقّفاً على «أ» لا بدّ من معرفة ما هو المحال في الدور؟ فإنّ هناك من يتوهّم أن المستحيل عقلاً وجود «أ» و «ب» في الخارج ، لأنه يلزم وجود شيء قبل علّته وهو غير معقول. فإن «أ» علّة «ب» فلا بدّ أن يوجد قبله ، والمفروض أن «ب» علّة «أ» فلا بدّ أن يوجد قبله أيضاً. فهذا التصوّر يقوم على أساس استحالة تحقّق ووجود الدائرين في الخارج ، وإن كان أصل التوقّف ممكناً ولا