محذورر فيه. إلّا أن هذا البيان غير صحيح كما نبّهنا عليه في تطبيقات أخرى لهذه المسألة ، فإن المحال حقيقة هو نفس التوقّف بقطع النظر عن وجود المتوقفين خارجاً وعدم ذلك. فإن توقّف «أ» على «ب» ثم توقف «ب» على «أ» مرجعه إلى توقف الشيء على نفسه ، وكون الشيء علّة لنفسه ومتأخّراً رتبة عن نفسه ، وهو ممتنع عقلاً ، لا وقوع الدائر خارجاً ، فلا يمكن والحال هذه أن يجعل بيان القوم برهاناً على عدم حصول الإقدام ، بل لا بدّ من الوقوف على الصورة التي تكون فيها مثل هذه التوقفات أمراً معقولاً ، ولا يلزم منه محذور الدور ، وليس ذلك إلّا بأن يكون أحد التوقفين باطلاً.
النقطة الثالثة : من القواعد التي لا بدّ من الالتفات إليها أن العام دائماً يتعنون بنقيض العنوان الوارد في المخصص أو الحاكم. فمثلاً إذا قيل : «أكرم العالم» ثم قيل : «لا تكرم العالم الفاسق» فالثاني مخصّص للأوّل ؛ ومقتضى ذلك هو أن يؤخذ في موضوع الأوّل ، وهو وجوب الإكرام ، نقيض ما ورد في الثاني ، وهو أن لا يكون فاسقاً. وفي المقام يوجد عندنا دليل دلّ على وجوب الغسل ، وهو بحدّ ذاته لم يؤخذ في موضوعه أن لا يكون ضرريّاً ، فيشمل الغسل الضرري وغيره ، والضرري سواء كان من الإضرار المقدم عليها أم لا. غاية الأمر ورد حاكم عليه وهو دليل القاعدة. وحيث إنه أخذ في موضوعها عدم الإقدام بحسب الفرض ، فلا محالة يتقيّد موضوع دليل وجوب الغسل بنقيض العنوان الذي أخذ في دليل القاعدة ، وهو الإقدام على الضرر.
من هنا فإن العنوان الذي يؤخذ في دليل وجوب الغسل يكون تابعاً للعنوان المأخوذ في دليل القاعدة ، فإذا استطعنا أن نقف على ذلك العنوان ،