ووقوع الضرر على الأنصاري ولم يكن بالإمكان علاج هذا المشكل أي الدخول بلا استئذان بطريق آخر ، فلم يبق إلّا نفي سبب وقوع هذا الضرر ، وهو في المقام حق إبقاء الشجرة في حائط الأنصاري ، فنفى هذا السبب ب «لإضرار» وجاز للأنصاري أن يقلع نخلته ويرمِيَ بها إليه.
والحاصل أن الضرر نُفي في مرتبتين طوليتين. ففي المرتبة الأولى نُفي نفس الضرر بلحاظ ما في الشريعة. وحينما نطبق هذا النفي على قصة سمرة مع الأنصاري ، لا يستفاد منه أكثر من أن الشارع حرّم عليه أن يضرّ الأنصاري. أما في المرتبة الثانية فهو نفي للضرر في مرتبة العجز عن إجراء تلك المرتبة السابقة. وبتعبير آخر : هو نفي للضرر الحرام بلحاظ ما في الشريعة ، فهو علاج تشريعي جديد غير العلاج الأوّل.
وهذا باب تنفتح منه أبواب كثيرة في الفقه ، فمثلاً لو حاول الزوج أن يستغلّ بعض حقوقه المشروعة على زوجته كحق الطلاق ، للإضرار بها ومنعها عن حقوقها التي تملكها على زوجها كما فعل سمرة مع الأنصاري حين حاول أن يتحفّظ على حقّه ، وهو الدخول إلى نخلته ، ويعطّل حقّ الأنصاري في التحفظ على كرامته وعرضه ولم يكن بالإمكان إجبار الزوج على أداء حقوقها ، فهذا يعدّ إضراراً بها. ومن الواضح أنه لا يكفي في العلاج أن يحرّم الشارع الإضرار فقط ، بل لا بدّ من الانتقال إلى مرتبة أخرى ، وهي رفع سلطنة الزوج على إبقاء هذه العلقة التي يريد استغلالها للإضرار بزوجته ، فيؤدّي بالنتيجة إلى إعطاء الولاية للحاكم الشرعي على الطلاق ، على تفصيل موكول إلى محلّه.
وبهذا ننتهي إلى أن كل حكم شرعي عدا ما خرج بالدليل إذا صار